في إنجلترا العديد من المدن الصناعية مثل مدينة كوفنتري.
إنجلترا أكبر الدول الأربع التي تكوّن المملكة المتحدة لبريطانيا وأيرلندا الشمالية وغالبًا ما تختصر إلى بريطانيا أو المملكة المتحدة. أما الدول الباقية فهي، أيرلندا الشمالية وأسكتلندا وويلز.
منذ مئات السنين كانت إنجلترا تمثل إحدى أهم دول العالم؛ إذ ابتكر أهلها الثورة الصناعية، كما أن تجارها ومكتشفيها وبحارتها أنشأوا الإمبراطورية البريطانية، التي عُدَّت أكبر إمبراطورية في العالم. ومن مواطنيها المرموقين، وليم شكسبير أحد أعظم المسرحيين في العالم، وإسحاق نيوتُن أحد أشهر العلماء في التاريخ لإسهاماته في مجالات الفلك والرياضيات والفيزياء.
تقع إنجلترا في الجزء الجنوبي والشرقي من الجزر البريطانية وتغطي حوالي ثلاثة أخماس مساحتها، وتتكون من سهول منبسطة خصيبة وتلال متموجة في معظم أجزائها، بينما توجد الجبال في الأجزاء الشمالية والغربية منها. وتتميز إنجلترا بريفها الجميل، ولكن الريف لم يعد جاذبًا للسكان؛ إذ يعيش معظم سكانها في المدن الآن. ولندن هي أكبر مدنها والعاصمة القومية. وللشعب الإنجليزي تاريخ طويل في ممارسة الحرية والديمقراطية، وكانت لأفكاره وممارساته الديمقراطية أثر كبير في دول أخرى، لذلك يعتز الإنجليز بتاريخهم ويتصفون باحترامهم الشديد لعاداتهم وتقاليدهم.
نظام الحكم
إنجلترا أهم الدول الأربع التي تكون المملكة المتحدة. وتضطلع حكومة المملكة المتحدة بمهام حكومة إنجلترا. ونظام الحكم في المملكة المتحدة ملكي دستوري، على رأسه الملك (أو الملكة) الذي لا يحكم فعلاً، إذ إن الحكم الفعلي في يد مجلس الوزراء الذي يرأسه رئيس الوزراء. أما التشريع فيقوم به البرلمان الذي يتكون من مجلسين: مجلس العموم ومجلس اللوردات. ومجلس العموم هو الأقوى سلطة، إذ يُنتخب أعضاؤه من دول المملكة المتحدة الأربع، ويبلغ ممثلو إنجلترا 529 عضوًا من إجمالي أعضاء المجلس البالغ عددهم 659 عضوًا. أما مجلس اللوردات فإن سلطاته أقل ومعظم أعضائه يتوارثون مقاعدهم. انظر: الحكومة.
الريف الإنجليزي يشتهر بأنه مزيج من الحقول المحاطة بالأشجار والأسيجة.
المملكة المتحدة. تنقسم إنجلترا من حيث الحكم المحلي إلى وحدات إدارية متعددة تتكون في مجموعها من 35 مجلس مقاطعة، و27 مقاطعة حضرية تنقسم بدورها إلى أقضية. وتنقسم المنطقة الحضرية للندن الكبرى إلى قصبات (مدن ذات حكم محلي ذاتي). ويرأس حكومتها مجلس لندن الكبرى. وفي عام 1986م تم إلغاء هذا المجلس، ومجالس المقاطعات الأخرى لتحل محلها حكومات القصبات وحكومة مدينة لندن. أما المناطق الحضرية الأخرى فتحكمها مجالس المقاطعات. أما الأقضية فتحكمها مجالس الأقضية. وتتولى مجالس الحكومة المحلية إدارة الخدمات العامة مثل: التعليم والمطافئ والشرطة والإسكان والترويح والطرق. وتتكون مصادر التمويل من الضرائب المختلفة والدعم الحكومي.
السكان
يتميز الشعب الإنجليزي باعتداده بنفسه واستقلاليته وتحفظه أحيانًا تجاه الغرباء. كما أن الإنجليز يقدّرون تقاليدهم ومن ثم اتسموا بالبطء في تقبُّل التغيير، وهذا التحفظ يُعدّ من أسباب قوة شخصيتهم، مع أن الشباب قد بدأوا التمرد ضد هذه التقاليد في السنوات الأخيرة، وخاصة نظام الطبقات الذي كان المجتمع ينقسم على أساسه إلى طبقة العمال والطبقة الوسطى والطبقة العليا، وذلك وفق خلفيته الاجتماعية والاقتصادية.
الخريطة السياسية لانجلترا
أصول السكان. يصل عدد سكان إنجلترا إلى أكثر من 49 مليون نسمة، يسكن حوالي 95% منهم في المدن ويقطن حوالي 40% منهم في سبع مناطق حضرية كبيرة. وتُعدّ لندن الكبرى أكبر هذه المناطق الحضرية في إنجلترا وواحدة من أكبر المناطق الحضرية في العالم أيضًا، إذ تُعد إحدى أكبر وأهم مدنه. وهي تغطي مساحة تبلغ 1,580كم²، ويقطنها حوالي ستة ملايين ونصف المليون نسمة.
أما المناطق الحضرية الكبرى الباقية فهي: مانشستر الكبرى (مانشستر)، ميرسيسايد (ليفربول)، يوركشاير الجنوبية (شفيلد)، تاين ووير (سندرلاند)، ميدْلاَنْدز الغربية (برمنجهام)، يوركشاير الغربية (ليدز).
ينحدر معظم الإنجليز من أصل أولئك الذين وفدوا إلى الجزر البريطانية منذ 2,500 سنة مضت. ويتكونون من السلتيين والرومان والإنجلز والسكسون والجوت والدنماركيين والنورمنديين.
تركت عادات ولغات هذه المجموعات بصماتها في الحضارة الإنجليزية وشعبها. وكان معظم البريطانيين يقطنون في الريف قبل بدء الثورة الصناعية التي أخذت تجذب السكان إلى المناطق الصناعية ومدنها حتى ارتفع سكان الحضر إلى 75% بنهاية القرن التاسع عشر الميلادي. ومنذ عام 1952م استقبلت البلاد مليونين من الوافدين الذين قدموا من دول آسيا وإفريقيا وجزر الهند الغربية التي تنتمي إلى رابطة الكومنولث. ويقطن معظم هؤلاء في المدن الصناعية المزدحمة، مما تسبّب في إثارة مشكلات إسكانية وعنصرية، فلجأت الحكومة إلى تحديد الهجرة الوافدة للبلاد. ويتحدث السكان اللغة الإنجليزية التي تطورت من اللغات الأنجلوسكسونية والنورمندية الفرنسية. انظر: الإنجليزية، اللغة.
تخطيط المجمعات السكنية بغية التخفيف من ظروف الازدحام في ليتشويرث بمقاطعة هيرتفوردشاير.
أنماط المعيشة. يعيش الإنجليز حياتهم، كما يعيشها الغربيون، يذهبون إلى أعمالهم بالسيارات أو بالقطارات، ويتسوقون في أسواق قريبة يبتاعون منها حاجياتهم اليومية والأسبوعية، وفي الأمسيات يخرجون للقاء أصدقائهم والسمر والحديث في شتى الموضوعات، كما أن عددًا منهم يقضون أمسياتهم أمام التلفاز لمشاهدة البرامج المختلفة التي تبثها شبكتان إنجليزيتان وشبكات أخرى تجارية، ويخصصون أوقاتًا لمشاهدة الأفلام والمسرحيات وحفلات الموسيقى.
ومن أشهر التقاليد الإنجليزية العائلة المالكة التي ينظر إليها الكثيرون على أنها تربطهم بتاريخهم العريق. ومن هذه التقاليد الملكية الافتتاح الرسمي للبرلمان الذي يقام سنويًا واستعراض الفِرَق الذي تقوم به الملكة. وتقليد إنجليزي آخر هو يوم جاي فوكس الذي حاول حرق البرلمان وتفجيره. أما التقليد الآخر فهو عادة الشاي في الساعة الخامسة مساء كل يوم.
الطعام والشراب. يتسم الطبخ الإنجليزي التقليدي بالبساطة، والإنجليز يحبون اللحوم المشوية والمقلية دون بهار كثير. وغداء يوم الأحد التقليدي يتكون من فخذ بقر أو غنم مع بطاطس مقلي أو مسلوق وخضار وحلوى. وتُعدّ فطيرة يوركشاير مع لحم البقر المشوي من الأكلات المفضلة، وكذلك الفطائر المحشوة بالكلاوي واللحم والسمك المقلي مع البطاطس. ويكثر الإنجليز من شرب البيرة (الجعة) وعصير البرتقال والليمون المخفف بالماء.
الترويح. يستمتع معظم الإنجليز بالألعاب الرياضية وحياة الهواء الطلق، كما توجد فرص للمشاركة ومشاهدة أنواع منها. ومنهم من يعشق المشي في الغابات وتنسيق حدائقهم الصغيرة. أكثر أنواع الرياضة انتشارًا كرة القدم. وخلال الفترة من مايو إلى أغسطس يشاهد أكثر من 18 مليون مشاهد مباريات كرة القدم ويتراهنون على نتائجها. كما يفد عدد من الفرق الأجنبية إلى البلاد لتلعب مع الفرق الإنجليزية. وهناك أيضًا لعبة الكريكيت والرجبي، وفي الريف يقضي الناس أوقاتهم في ممارسة الصيد وركوب الخيل وصيد الأسماك والرماية.
التعليم. تملك إنجلترا أحد أفضل الأنظمة التعليمية في العالم. والتعليم إجباري للأطفال ما بين السنة الخامسة والسادسة عشرة من العمر. ويتعلم حوالي 90% من الطلاب في مدارس مدعومة حكوميًا، إما كليًا أو جزئيًا، وتشرف مصلحة التربية والعلوم والسلطات التعليمية المحلية على النظام المدرسي الإنجليزي. ويحاول هذا النظام منح كل الطلاب تعليمًا يناسب قدراتهم، ووفق اختبار يحدد إلى أي المدارس الثانوية المتخصصة يلتحق الطالب ما بين الحادية عشرة والسادسة عشرة من عمره وهي: المدارس الثانوية العلمية، التي تُعدّ الطالب لدخول الجامعات، والثانوية الحديثة ذات التعليم العام والمدارس الفنية التي تتخصص في التدريب المهني. وقد حلت المدارس الشاملة محل هذه المدارس منذ الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين الميلادي. أما المدارس العامة التي تشتهر بها إنجلترا فإنها تزود الطالب بتعليم على مستوى الثانوي، وتهيِّئ الطلاب للوظائف الرفيعة في الحكومة. أما معاهد التعليم العالي فتشمل: الجامعات والكليات الفنية وكليات التجارة والزراعة. ومن أشهر جامعاتها جامعتا كمبردج، وأكسفورد، أما أكبرها حجمًا فهي جامعة لندن (60,000 طالب) والجامعة المفتوحة وبها عدد أكبر من الطلبة (195,000 طالب).
المركز الإسلامي في لندن، حيث تتوافد عليه جموع المسلمين في بريطانيا، ويضم مسجدًا وبعض الأنشطة الإسلامية الأخرى.
الدين. كنيسة إنجلترا أو الكنيسة الإنجليكانية هي كنيسة الدولة الرسمية ويجب على رأس الدولة أن ينتمي إليها. أما الشعب فإن حرية العبادة مكفولة له. ويمثل أسقف كانتربري الرئيس الروحي للكنيسة، وله ولأسقف يورك بالإضافة إلى 24 قسيسًا، مقاعد في مجلس اللوردات. كما ينتمي العديد من الشعب الإنجليزي إلى كنائس بروتستانتية أخرى تُعرف بالكنائس الحرة، كما يوجد أربعة ملايين كاثوليكي روماني هناك يرأسهم أسقف وستمنستر، وفي إنجلترا يبلغ عدد المسلمين نحو (ميلون مسلم) من ذوي الأصول الإنجليزية والآسيوية وغيرها، كما أن بها عددًا من اليهود والهندوس والسيخ
الفنون. أنجبت إنجلترا العديد من المعماريين والرسامين ومؤلفي الموسيقى. ومن أشهر كتابها جفري تشوسر، وتشارلز ديكنز ووليم شكسبير. انظر: المسرح؛ الإنجليزي، الأدب. وقد طور المعماريون الإنجليز عددًا من طرق وطرز البناء مثل الطراز النورمندي والقوطي والإليزاييثي. ومن أشهر هؤلاء إنيغو جونز والسير كريستوفر رُنْ اللذين طورا الطراز الكلاسيكي الجديد الذي يتسم بالبساطة. وخلال القرن التاسع عشر الميلادي أنتج جون كونستابل وجوزيف تيرنر لوحات جميلة، تعكس المناظر الطبيعية المختلفة، وكان من قبلهما رسامون مرموقون أمثال: توماس جينزبره والسير جوشوا رينولدز. وتعتد إنجلترا بالعديد من الموسيقيين المرموقين أمثال: السير وليم جلبرت،السير آرثر سُوليفان، بنيامين برِيتِين. وفي عام 1960م ظهرت فرقتان غنائيتان نالتا شهرة عالية هما: الخنافس، والرولنج ستونز، كما اشتهر عدد من صانعي الأثاث والأدوات الصينية مثل وجوور.
السطح
الخريطة الطبيعية لإنجلترا
تحتل إنجلترا وأسكتلندا وويلز جزيرة بريطانيا. وتشكل تلال تشفيوت ونهر تويد حدود إنجلترا مع أسكتلندا. أما ويلز فتقع إلى الغرب من إنجلترا. وتفصل القناة الإنجليزية وبحر الشمال إنجلترا عن أوروبا.
جروف دوفر البيضاء ترتفع على الساحل الجنوبي الشرقي لإنجلترا وهي مكونة من الطباشير.
مظاهر السطح. بصفة عامة، تنحدر الأرض من الشمال والغرب تجاه الشرق والجنوب. وتمتد سلسلة جبال بناين من الحدود الأسكتلندية على طول الأراضي الإنجليزية في وسط البلاد، وعلى جانبيها من الغرب تقع سهول لانكشاير، ومن الشرق سهول يوركشاير. وفي شمال غربي إنجلترا تقع منطقة البحيرات ذات المناظر الخلابة، وتوجد هناك أعلى قمة في إنجلترا وهي قمة إسكافيل بايك (978مترًا فوق سطح البحر). وتحتل هضبة الميدلاندز الجزء الشرقي الأوسط من البلاد، يحدها نهر التايمز من الجنوب وسيفرن من الغرب وترنت من الشمال ونهر أوز من الشرق. وتخترق هذه الهضبة بعض التلال المتموجة والأودية الخصبة. وفي الجزء الجنوبي الشرقي توجد حافات منخفضة تتكون من طبقات جيرية وطباشيرية وتنتهي بعض هذه التلال الطباشيرية في القناة الإنجليزية بحافات شديدة الانحدار، كما في دوفر. أما الجهات الجنوبية الغربية من إنجلترا فإنها تتكون من شبه جزيرة وعرة. وهنا توجد أقصى امتدادات إنجلترا نحو الغرب والجنوب.
سلسلة جبال البناين تدعى العمود الفقري لإنجلترا. وتمتد هذه الجبال من أسكتلندا إلى وسط إنجلترا.
الأنهار والبحيرات. تجري أنهار إنجلترا بين المرتفعات الوسطى نحو البحر، وتشمل الأنهار التي تصب في بحر الشمال أنهار: التيز، والتايمز، والتاين، وهمبر. وتشمل الأنهار التي تجري غربًا لتصب في قناة بريستول: أنهار ميرسي، دي، سيفرن، آفون. والأنهار الكبرى مثل: التايمز وسيفرن وترنت صالحة للملاحة في بعض أجزائها وتتصل مع بعضها بقنوات. أما أكبر بحيرات البلاد فتوجد في منطقة البحيرات. أما أهم الجزر الواقعة قبالة الساحل الإنجليزي فتشمل جزيرة وايت بالقرب من الساحل الجنوبي، وجزر سيلي في الجنوب الغربي. انظر: سيفرن، نهر؛ التايمز، نهر؛ وايت، جزيرة.
انظر أيضًا: المملكة المتحدة.
الاقتصاد
يعتمد اقتصاد إنجلترا أساسًا على الصناعة والتجارة. وهي تُعدّ من الدول الصناعية الرئيسية في العالم، كما أن موقعها الجغرافي على خطوط التجارة عبر الأطلسي وموانئها الجيدة جعلت منها دولة تجارية مهمة. وبالمقارنة ببقية الدول البريطانية فإن إنجلترا هي أكثرها تقدمًا من الناحية الاقتصادية والصناعية.
الصناعات الخدمية. يعمل نحو 70% من القوى العاملة في إنجلترا في قطاع الصناعات الخدمية. وتشكل الخدمات المصرفية وخدمات التأمين أهم أنواع الصناعات الخدمية. وتعد مدينة لندن واحدة من أهم مراكز المال وأسواقه في العالم. وبينما يعد بنك إنجلترا والبنك البريطاني الوطني وسوق لندن للأوراق المالية أهم بورصات العالم تصنف شركة لويد كأشهر شركات التأمين العالمية. وتشمل الصناعات الخدمية الأخرى في إنجلترا: السياحة والنقل والاتصالات والتعليم والرعاية الصحية.
الموارد الطبيعية. تشمل الموارد الطبيعية في إنجلترا الفحم الحجري، وخام الحديد من نوعية منخفضة، والنفط، والغاز الطبيعي. وتمتد أكبر مناجم الفحم الحجري على طول مرتفعات أبناين وحتى الميدلاندز. أما ترسُّبات خام الحديد فتوجد في ميدلاندز الشرقية ومقاطعة كمبريا. أما أهم حقول النفط والغاز الطبيعي فتوجد في بحر الشمال. ويتوافر الصلصال الصيني في جنوب غربي البلاد وترسُّبات الطباشير لصناعة الأسمنت في جنوبها الشرقي. وتزخر المياه الساحلية بالأسماك.
محطات إنتاج الطاقة التي تعمل بوقود الفحم الحجري تنتج معظم الطاقة الكهربائية في إنجلترا. ويستخدم وقود الفحم الحجري في كثير من المصانع الأخرى. كذلك تستخدم الطاقة النووية والنفط والغاز الطبيعي.
الصناعة. يعمل 20% من القوى العاملة في قطاع الصناعة. وتصنع إنجلترا معظم السلع التي تصدرها المملكة المتحدة لسنوات عديدة كانت معظم مصانع إنجلترا تتركز عند حقول الفحم الحجري، مصدر الطاقة. ولكن مع ازدياد الاعتماد على الطاقة النووية والنفط والغاز الطبيعي تطورت صناعات عديدة حول لندن وفي الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد.
وتشمل أهم المنتجات الصناعية: السيارات، والمواد الكيميائية، والحديد والفولاذ، والآلات، والسيراميك والخزف، والأواني الفضية، والأقمشة الصوفية والقطنية. كما تُعدّ إنجلترا من أهم الدول في مجال النشر والطباعة.
النقل والتجارة. ساعد نظام النقل الممتاز في إنجلترا وموقعها الجغرافي المميز في جعلها من أهم الدول التجارية في العالم. وتملك الدولة شبكة واسعة من السكك الحديدية وطرقها السريعة بالإضافة إلى موانئ جيدة ونظام ممرات مائية داخلية. كما أنها تحتل موقعًا مناسبًا للتجارة مع أمريكا الشمالية، إذ تطل على مصبات أنهار أوروبية كبيرة، وتقع على طرق التجارة عبر الأطلسي.
ومعظم تجارتها الخارجية مع دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة وكندا. أما أهم وارداتها فتشمل: السيارات، والمواد الغذائية، مثل: الشاي، والقهوة، والآلات، والخشب. أما أهم صادراتها فهي: المواد الكيميائية والمعدات الثقيلة والنفط ومعدات النقل.
الزراعة وصيد الأسماك. لا تنتج المزارع الإنجليزية ما يكفيها من المواد الغذائية، ومن ثم تستورد كميات كبيرة من هذه المواد. وتشمل أهم منتجاتها الزراعية الشعير والأبقار والدواجن والبيض والفواكه واللبن والبطاطس والغنم وسكر البنجر والقمح والأسماك خاصة الحدوق والماكريل التي تُصطاد من المياه الإقليمية.
التعدين. تُعدّ إنجلترا من أهم الدول المنتجة للفحم الحجري، وقد تدهور إنتاج الفحم الحجري نظرًا للزيادة التي طرأت على إنتاج النفط والغاز الطبيعي. أما إنتاج خام الحديد فقد انخفض أيضًا، ويتم استيراد خامات ذات نوعية جيدة لسد احتياجات البلاد. انظر: المملكة المتحدة.
نبذة تاريخية
حائط هادريان الذي بني في العشرينيات من القرن الثاني الميلادي لا يزال قائمًا بين كارلايل ونيوكاسل أبون تاين. وقد بناه الرومان لحماية إنجلترا من الغارات الأسكتلندية.
لا يَعرف العلماء تاريخ قدوم المجموعات البشرية الأولى إلى إنجلترا، ولكنهم يعرفون شعوبًا بدائية كانت تقطن هناك خلال العصر الحجري القديم الذي انتهى قبل 10،000 عام. ثم وفدت مجموعة أخرى من أسبانيا وبريتاني في شمال غربي فرنسا واستقرت في مرتفعات جنوب شرقي البلاد، وكانوا يصنعون أدوات من الصوان، ويصنعون الأدوات الفخارية. ومن منطقة الراين والدانوب نزحت شعوب، واستقرت في إنجلترا حوالي 2000ق.م، وكانت صناعاتهم تشمل الأقمشة والأواني الفخارية ومعدات البرونز وتعدين القصدير، وأقاموا مباني دينية، مثل: ستونهينج. انظر: ستونهينج. أما أول الغزاة فهم السلتيون الذين قدموا عبر القناة الإنجليزية نحو 500ق.م، وهي قبائل دخلت إنجلترا في شكل موجات متتالية وتتكون من الغيليين والبريتون. انظر: السلت، شعب.
ونحو عام 55ق.م، غزا يوليوس قيصر بلاد الغال، وعبر القناة إلى إنجلترا ثم تلا ذلك غزو بريطانيا عام 43م إبان عهد الإمبراطور كلوديوس. وتم إخضاع البلاد خلال الثمانينيات من القرن الأول الميلادي. وأصبحت بريطانيا مقاطعة رومانية، وخلال هذه الفترة أنشأ الرومان الطرق، وبنوا عددًا من المعسكرات والقلاع والأسوار عبر شمالي إنجلترا لحمايتها من الأسكتلنديين، وقد شهدت إنجلترا نهضة تجارية وحضارية في عهد الرومان.
بدأت القوات الرومانية مغادرة البلاد في أوائل القرن الخامس الميلادي لحماية أجزاء الإمبراطورية الأخرى من هجمات القبائل. وتعرضت بعدها إنجلترا لهجمات القبائل الجرمانية ومن أشهرها الأنجلو ـ سكسونيون والجوت، واستقرت في أجزاء متفرقة من البلاد. وفي أواخر القرن السادس الميلادي دخلت النصرانية البلاد من فرنسا على يد القديس أوغسطين الذي بنى ديرًا في كانتربري، ثم قام المنصّرون السلتيون بمهمة نشر الديانة في باقي أجزاء البلاد.
قوي نفوذ قبائل الأنجلو ـ سكسونيين واحتلت كل قبيلة منطقة. وانقسمت البلاد إلى أمتين منفصلتين، إذ احتل السكسونيون جنوبي إنجلترا وانقسموا إلى مجموعات، في حين عاش الأنجلز في شمالي ووسط وشرقي البلاد وانقسموا أيضًا إلى ميرسيا وإنجليا الشرقية ونورثمبريا. ومع مرور الزمن تطورت هذه المجموعات إلى سبع ممالك سميت الدولة السباعية. انظر: الدولة السباعية.
وخلال القرن التاسع الميلادي هاجم الدنماركيون إنجلترا، وسيطروا على هذه الممالك، إلا مملكة وسكس التي قاوم ملكها ألفرد الأكبر ورد المهاجمين على أعقابهم. ويُعدّ ألفرد الأكبر من أشهر حكام البلاد، إذ وحّد مملكته وبنى أول أسطول بحري، وابتكر نظام المقاطعات باعتبارها وحدات للإدارة المحلية، وعمل بالقانون العرفي. انظر: القانون العرفي؛ المملكة المتحدة. ثم سيطر الدنماركيون على السلطة في البلاد لتنهار في عام 1035م وتؤول الأمور إلى إدوارد المعترف، آخر ملوك السكسونيين. وبعد وفاته حدث صراع حول مَنْ يرث العرش، كان من نتائجه أن استولى النورمنديون على إنجلترا بقيادة وليم الفاتح الذي أقام حكمًا مركزيًا قويًا في البلاد معتمدًا على فرسانه النورمنديين. وفي عهده تم بناء عدد من الكنائس والقلاع. كما قام بمسح للأراضي بغية فرض الضرائب وتوزيعها على أتباعه، وهذا المسح يُعرف بسجل الأراضي الإنجليزية. انظر: سجل الأراضي الإنجليزية. ومن خليط اللغات القبلية المختلفة تطورت اللغة الإنجليزية.
خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين بدأ الصراع بين النبلاء والملوك، كل يريد أن يحكم مستقلاً عن الآخر، وكان الملوك يطمحون في البقاء كسلطة عليا في البلاد، وكان النجاح حليفهم في النهاية. ولكن الصراع لم ينته كلية، وأحيانًا كان رجال الدين يتضامنون مع النبلاء في صراعهم على السلطة وتحدي سلطات الملك. وقد أدت محاولة الملك هنري الثاني للسيطرة على الكنيسة الإنجليزية إلى صراع بينه وبين أسقف كانتربري توماس بيكيت الذي اغتيل عام 1170م.
الاحتفالات الملكية توفر نوعًا من حلقة الاتصال مع التاريخ الإنجليزي. ومن هذه الاحتفالات احتفال زفة العلم التي تجري في شهر يونيو عندما تقوم الملكة وهي في عربتها الملكية، باستعراض جنودها.
وخلال حكم الملك جون شقيق الملك ريتشارد قلب الأسد، حدث صراع بينه وبين البارونات وقادة الكنيسة الذين كتبوا وثيقة تُعرف بـ الماجنا كرتا تضمنت ضمانات حول العديد من الحقوق لهم، ووافق الملك على الوثيقة تحت تهديد السلاح. انظر: الماجنا كرتا.
خلال عهد الملك إدوارد الأول بدأ البرلمان يكتسب أهمية حين كان الملك يدعو النبلاء وقادة الكنيسة إلى مناقشة أمور الدولة ومشكلاتها. وأمر الملك بتوسيع هذه الاجتماعات لتضم الفرسان من المقاطعات وممثلين من المدن ورجال الدين. وعُرف الاجتماع بالبرلمان النموذجي. وفي عام 1297م أقر الملك بحق البرلمان في إبداء الموافقة أو الاعتراض على الضرائب التي يقترحها الملك. وفي عهده خضعت ويلز للسلطة الإنجليزية وأعطى لقب أمير ويلز لابنه، ولكنه فشل في السيطرة على أسكتلندا. انظر: البرلمان النموذجي؛ بانوكبيرن، معركة. وأصبحت إنجلترا مركزًا علميًّا مهمًّا، وجذبت جامعتاها كمبردج وأكسفورد العديد من الطلاب من دول عديدة، وأنجبت عددًا من المفكرين مثل: روجر بيكون وسكوتَسْ. انظر: بيكون، روجر؛ دنس سكوتس، جون.
نشبت حرب المائة عام بين إنجلترا وفرنسا بين عامي 1337-1453م عندما طالب الملك إدوارد الثالث بعرش فرنسا بحد السيف. وقد رفض البرلمان الموافقة على الضرائب التي فرضها الملك لدعم هذه المعارك، كما حدث تمرد وثورات من قِبل المزارعين، مما أجبر الملك على الحكم بدون البرلمان. انظر: حرب المائة عام؛ جان دارك، القديسة. وقد حدث تطور كبير في مجال الأدب والتعليم خلال هذه الحرب.
وخلال الفترة ما بين عامي 1455 و 1485م حدث صراع حول العرش بين هنري الخامس ونبلاء يورك أدّى إلى اندلاع حرب الوردتين التي انتهت بانتصار هنري واستعادته العرش.
وفي عام 1534م أجاز البرلمان قرارًا للملك هنري الثامن يجعل بمقتضاه الملك وليس البابا الرئيس الأعلى للكنيسة الإنجليزية. وقد حدث هذا خلال الفترة التي شهدت انتشار حركة الإصلاح الديني عبر أوروبا الشمالية. انظر: الإصلاح الديني اللوثري.
وخلال عهده اتحدت ويلز مع إنجلترا وأصدر البرلمان قوانين إصلاحية دينية تتعلق بالكنيسة. وأعادت الملكة كاثرين المذهب الكاثوليكي الروماني دينًا رسميًا في عهدها. وفي عهد الملكة إليزابيث الأولى شهدت البلاد تقدمًا كبيرًا في مناطق عديدة، وأنشئت شركة الهند الشرقية، وقام المكتشفون برحلات كشفية إلى جزر الهند الشرقية وسواحل أمريكا الشمالية والجنوبية، وانتعشت الحركة الأدبية وعلى رأسها وليم شكسبير. كما هزمت بريطانيا أسبانيا. انظر: شركة الهند الشرقية؛ الأرمادا الأسباني.
في عهد جيمس الأول شهدت البلاد صراعًا بينه وبين البرلمان؛ لأنه كان يطمح في سلطة مطلقة في يده لاعتقاده بأنه يستمد حقه في الحكم من الله وليس من الشعب.
في عهد ابنه تشارلز الأول تفاقم الصراع بين الملك والبرلمان واتحدت ثلاث مجموعات ضد الملك، مما أجبره على الموافقة على وثيقة تحدّ من سلطات الملك. ولكن إصرار الملك تشارلز الأول على الحكم بسلطة مطلقة ومنعه للبرلمان من الانعقاد لفترة طويلة أدى إلى نشوب حرب أهلية انتهت بقتل تشارلز. وتحولت بعدها إنجلترا إلى جمهورية، وآلت أمور الحكم إلى لجنة برلمانية ظلت تحكم إلى عام 1653م حين طرد أوليفر كرومول البرلمان، وأخذ يحكم البلاد وذلك بمقتضى وثيقة حكومية جعلت من إنجلترا محمية على رأسها كرومول. وفي عهده خضعت أسكتلندا وأيرلندا للسيطرة الإنجليزية. وبعد وفاة كرومول بفترة أعيد النظام الملكي، وتم انتخاب برلمان جديد في عام 1660م وتم اقتسام السلطة بين الملك والبرلمان. وإبان الثورة استطاع الشعب الإنجليزي الاحتفاظ بحريته ونظام حكمه الذي ارتضاه، وبالمذهب البروتستانتي.
ثم نشبت حرب بين إنجلترا وفرنسا، وكان النصر فيها حليف إنجلترا وفقدت فرنسا جزءًا من ممتلكاتها في أمريكا الشمالية لصالح بريطانيا، منها: إقليم خليج هدسون، ونيوفاوندلاند، ونوفا سكوتيا، كما استولت من أسبانيا على جبل طارق وجزيرة مينوركا.
