من هم الخوارج المارقون؟؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فإنَّ من الفتن العظيمة التي أصابت كثيراً من المسلمين في دينهم وعقولهم وأثرت في حياتهم وحياة المسلمين عموماً ، الركون إلى أهل الضلال والبدع والجهل بأصول الإسلام ثم الانحراف عنها واتباع المتشابهات من النصوص الشرعية والإعراض عن المحكمات المسلمة لدى أئمة العلم والسنة والهدى من الخلفاء الراشدين فمن بعدهم من الأئمة المهديين .
والفتن كثيرة وقد يجتمع كثير منها في شخص أو جماعة ومن أشد هذه الفتن فتنة خوارج ومرجئة العصر حقاً، فلهذه الفتنة بشقيها المتناقضين انتشار واسع ولهما ضجيج إعلامي مزلزل ومرعب يعرض بكل قوة في شتى الوسائل ، كالكتب والرسائل وفي سائر وسائل الإعلام والتوجيه فعم شره وطم.
وإغراء مادي قد يفوق النوع الأول يغري أخساء النفوس الذين يبيعون دينهم بدنياهم ويشترون الحياة الدنيا بالآخرة فزاد البلاء وعم.
وفي هذه المناقشة سنواجه هاتين الفتنتين وما رافقهما من إفك وظلم للحق وأهله.
أما فتنة الخوارج حقاً فهي فتنة الخوارج القديمة التي تطاول مؤسسها الأول على رسول الله صلى الله عليه وسلم فطعن في عدالته، وواجه الخارجون من ضئضئه صحابة رسول الله صلى لله عليه وسلم ورضي الله عنهم وعلى رأسهم على بن أبي طالب الخليفة الراشد فاستأصل شأفتهم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وصفهم بأنهم شر الخلق والخليقة وحض على قتلهم ورغب فيه.
وجاء الخوارج الجدد فطوروا هذه الفتنة وزخرفوها بشعارات ودعايات إسلامية مبطنة بأكاذيب وأباطيل وتلبيسات وقلب للحقائق يتنـزه عنها أسلافهم الغلاة، وتبلغ فتنتهم أوجها حين يتظاهرون بمحاربة فكر الخوارج والإرجاء وتزداد خطورتها وخطورتهم حين يقذفون بها بهتاً أهل الحق الأبرياء الذابين عن دين الله الحق، والمحاربين للبدع صغيرها وكبيرها
فكر الخوارج وعقيدة الإرجاء
هذه الفئة قد أرهقت الأمة بمشاكلها ولا تعالج مشاكلها العقدية ولا المنهجية ولا السياسية بل أهملت الأولين بل حاربت من يقوم بهما وهما الأساس الذي لا بديل له في الدنيا والآخرة ولا يسبقهما سابق.
وأغرقتهم في السياسة الباطلة بما فيها من أوهام وأحلام وتكهنات باسم فقه الواقع فأساءوا أيما إساءة إلى الإسلام والمسلمين فأفسدوا خلاصة شباب الأمة وأذكياءها، فربوهم على بغض أهل السنة وتشويههم وتشويه منهج الله الحق الذي يدعوا إليه أهل السنة والتوحيد، ويربون عليه من استطاعوا تربيته من أبناء المسلمين.
تعلق هؤلاء القوم السياسيون بجانب من الإسلام، هو ما سموه بالحاكمية تعلقاً سياسياً فحرفوا من أجل ذلك أصل الإسلام كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) وفسروها بمعنى لا يعرفه الأنبياء ولا العلماء من الصحابة فمن بعدهم فقالوا: إن معنى لا إله الا الله : لا حاكم إلا الله، والحاكمية أخص خصائص الألوهية، وشهد كبراؤهم أن الذي فسر لا إله إلا الله قد بين معنى لا إله إلا الله بياناً لا نظير له في هذا العصر، وصدقوا فلم يسبق الرجل إلى هذا المعنى أحد، لا الأنبياء ولا المصلحون ، ذلك المعنى الذي ضيع المعنى الحقيقي للا إله إلا الله وجاء فريق منهم لما لم يسلم العلماء حقاً بـهذا التفسير فقالوا: إن التوحيد أربعة أقسام، رابعها توحيد الحاكمية، وهي لعبة سياسية من جملة ألاعيبهم وحيلهم على الأمة يريدون تخدير من استطاعوا من الشباب السلفي حتى إذا سلموا بهذا التقسيم واطمأنوا إليه جعلوا الحاكمية هي المعنى الأول والأخير للا إله إلا الله.
والأدلة على هذا كثيرة من واقعهم:
1- فهم لا يوالون ولا يعادون من بدء أمرهم إلى الآن إلا على هذا المعنى
( الحاكمية ).
2- وينشرون الكتب التي عنيت به نشراً عجيباً.
3- ويقدسون من اخترع لهم هذا المعنى على ما فيه من ضلالات.
4- ويحاربون من وضع هذا المعنى في موضعه بل يكفرونهم ويعتبرونهم عملاء وجواسيس إلى آخر الاتهامات .
وليتهم إذ تبنوا هذا المعنى ( الحاكمية ) التزموه بصدق وطبقوه على أنفسهم وعلى شيوخهم وعلى خصومهم، بل تجدهم من أشد الناس مخالفة لحاكمية الله وأشد الناس ظلماً في أبواب حاكمية الله والأمثلة لا تحصى من أقوالهم وأفعالهم وموافقتهم.
ويكفي من يعرف دين الله الحق أن يطلع على ما تزخر به مواقعهم في الانترنت من الظلم للأبرياء والبهت الشديد الذي تفننوا فيه وبرعوا في شتى ميادينه الأمر الذي تجازوا فيه طغيان الطغاة وظلم أشد الناس تجبراً وتكبراً، وسأعرض قليلاً من كثير من موقع واحد ألا وهو ما سموه إفكاً بموقع الخوارج يريدون به السلفيين كل السلفيين في المشارق والمغارب، بل سأعرض لك بعضاً من هذا البعض من كتاب سمى صاحبه نفسه "الموحد"؛ أي العدو الألد للموحدين وسمى كتابه "تنقيح المناهج من بدع الخوارج" وما هو إلا تقذير المناهج الصافية بما هو شر من بدع الخوارج.
وسأعرض بعضاً مما حواه الكتاب المذكور، وهو المتعلق فقط بمن سماهم ب"الجامية" و"المدخلية"، وسأدع الباقي لمن يرغب في الذب عن دين الله الحق، وأهله.
فمن ذلك البلاء و الظلم وقلب الحقائق ما يأتي:
1- تشبيه من يحث على إقامة شرع الله ويمدح على إقامة الحدود الشرعية، ويحث على حماية الناس من كتب الضلال ب "المحكمة" من الخوارج، فالمنكر عنده معروف والمعروف عنده منكر.
2- تشبيه السلفيين ب "الشعبية" و"العجاردة" في التولي والتبري، وهذا طعن حتى في منهج الأنبياء والصحابة والسلف في باب الولاء والبراء.
3- اعتماده على المدعو "بأبي قتادة" الذي هو شر من الخوارج، ويعيش في ظلال الانجليز وحمايتهم ورعايتهم، فيقوم هو بالمقابل بتكفير المسلمين وإفتاء الخوارج بسفك دماء المسلمين والمذابح الجماعية للرجال العزل والنساء والأطفال.
4- قام بعض الناس بتحذير وزير الداخلية من نشاط الأحزاب السرية التخريبية للعقائد والمناهج والتربية بل وللعقول ولعل هذا الرجل من رجال الأمن السعودي، فرأى هذا الكاتب الخارجي أن هذا التحذير منكر وجريمة مخابراتية وعبودية منهم لآل سعود، ثم الصقها بالسلفيين، وجعل عمل هذا الرجل عبودية من السلفيين لآل سعود فالنصيحة والتحذير من الفساد والخيانة والدمار، أصبحت من أشد المنكرات وأصبحت في منهج القوم عبودية للبشر.
5- أصبحت الكتب والأشرطة الداعية إلى الكتاب والسنة وإلى منهج السلف الصالح والذابة عن ذلك والداحضة للبدع والضلال والتضليل، أصبحت عمالة وأصحابـها عملاء وجواسيس للأئمة الكفرة المرتدين.
يقول هذا من يدعي إفكاً محاربة الخوارج وتنقيح المناهج من مذهب الخوارج، وهو في الحقيقة ينشر مذهب الخوارج ويدافع عن رؤوسهم في هذا العصر.
6- من إفك هذا الخارجي وشيخه أبي قتادة قوله:
« لقد استطاعت الحكومة السعودية أن تجند الكثير من المشايخ السلفيين في العالم عملاء لها، يكتبون التقارير الأمنية عن نشاط الحركات الإسلامية، وهذه كذلك نتيجة سننية، فإن السلفي الذي يعتقد بإمامة عبد العزيز بن باز ومحمد صالح العثيمين واللحيدان والفوزان وربيع المدخلي كائناً من كان، هذا السلفي ومن أي بلد كان فإنه سيعتقد في النهاية بإمامة آل سعود؛ لأن مشايخه يدينون بالولاء والطاعة لأل سعود … ومن ثم لا نستغرب من وجود طلبة علم سلفيين من الجزائر ومن ليبيا ومن الأردن ومن مصر وسوريا ومن الهند وباكستان وغيرها من الدول عملاء لآل سعود، عملاً بالقاعدة المتقدمة ».
ألا يرى العاقل أن أبا قتادة والكاتب ومن سار على نهجهما أعداء ألداء للمنهج السلفي وعلمائه وطلابه، انظر كيف يضع القواعد الخبيثة ثم يبني عليها أحكاماً أشد خبثاً منها.
ألا ترى أن هذا الأسلوب الخطير من أكبر أنواع الصد عن الإسلام، ومن أكبر أنواع التشويه للإسلام وحملته، كيف استطاع أبو قتادة أن يكتشف هذه الأسرار في كل أنحاء العالم، هل هو وإخوانه الخوارج يتعانون مع أجهزة المخابرات الانجليزية واليهودية والأوربية والأمريكية والهندية والإيرانية، فبجهود هذه الأجهزة مجتمعةاكتشفت هذه الامور والأسرار الخفية.
7- ولما عجز هذا الصنف من البشر عن مقارعة الحجة بالحجة وانهزموا (ص:60) في الميدان العقدي والمنهجي لجأ الكاتب وشيخه أبو قتادة إلى أساليب الشيوعيين والبعثيين في محاربة الإسلام وأهله، بالاتهامات الإجرامية بالعمالة والجاسوسية والارتزاق، فتبين ضياع القوم وأخلاقهم فلجأوا إلى استخدام هذا السلاح وهو سلاح كل عاجز فاجر.
ويمكننا أن نقول: أنتم قد جعلتم السياسة وما يتصل بـها مما تسمونه بفقه الواقع واكتشاف خطط الخصوم وأسرارهم، فهل تعرفون هذه الأمور عن طريق الوحي أو عن طريق شبكات تجسسية تستخدم كل الأساليب الدنيئة للحصول على هذه الأسرار.
8- اعترف الكاتب الخارجي بأن لهم تنظيمات وأعمال سرية فقال:
« إنما نقول حقيقة وواقع، فإن الكثير من الأعمال والحركات قد تم كشف أمرها وفضح سريتها عن طريق هؤلاء العملاء السلفيين ».
وهذا اعتراف بالأعمال الإجرامية السرية ما علم منها ومالم يعلم، وأشار إلى تقريرين نص على اسم واحد منهما بعينه وعجز عن ذكر أسماء الباقين المنتشرين في العالم، مع أن التقريرين لا يخرجان عن النصيحة الشرعية، المطلوبة شرعاً من المسلمين.
9- جعل تجويز الاستعانة بالمشركين التي أجازها الإسلام وعليها جمهور علماء الأمة، جعلها كفراً، وجعل قول العلماء والمؤرخين بأن قبيلة خزاعة عقدت حلفاً مع رسول الله ضد قريش، وحلفائها وبمقتضى هذا الحلف قاتل رسول الله قريشاً؛ لأنها غدرت بخزاعة حلفائه، جعل هذا القول اتهاماً لرسول الله ، وكفر من يقول به، وما وصلت الخوارج الأقدمون إلى هذه الأحكام.
10- يرى نقد الشيخ محمد أمان لسفر تفسيق وتبديع وشن للحرب، ويرى أن السلفيين عموماً خوارج ويدافعون بـهذا النقد عن المشركين والصليبيين ويشنون غاراتهم على الموحدين، بل قد فاقوا الخوارج في ضلالهم وغيهم،
وهكذا يكون العلم والحكم بالعدل في منهج القطبيين، ومن حكمهم بالإسلام وعد لهم حرب من يذب عن قائد الإسلام وعن الأنبياء والصحابة الكرام، وبأنهم عملاء وجواسيس و إلى آخر قواميس أحكامهم، ومن يرتكب هذه الضلالات الكبرى ومن بينها وحدة الأديان والحلول عندهم أئمة هدى ومجددون.
11- يدعي ظلماً أن السلفيين عطلوا الحاكمية؛ لأنهم أخرجوا الحاكمية من التوحيد وجعلوها غير متعلقة بأصل الدين، فهم جهمية مرجئة مع الحكام المرتدين وخوارج مارقة مع علماء المسلمين والموحدين، وشبههم أيضاً بفرق الخوارج "البيهسية" و"الشيبانية".
والذين تكلموا في أقسام التوحيد هم الشيخ ابن باز والشيخ العثيمين والشيخ الفوزان، واعتقد أن من يسميهم ظلماً ب "الجاميين" و"المدخليين"، لم يردوا على القطبيين في هذا التقسيم، فهذه الأحكام المقصود بـها ابن باز ومن ذكر معه من العلماء، علماً بأن العلماء ما أخرجوا الحاكمية عن أنواع التوحيد، بل أدخلوها في توحيد الربوبية، وبعضهم في توحيد الألوهية.
أما سيد قطب ومحمد قطب وأمثالهما فهم أهل التوحيد، وهكذا أيضاً تكون الحاكمية وتطبيقها العملي.
12- قال الكاتب الخارجي: ومن بدعهم -أيضاً- موافقة المحكمة (ص:62) في بدعة( )الإمامة في غير قريش، كفر الملك عبد العزيز وأبناءه وكفرهم وكفر أهل الكويت بأمور تقتضي تكفير الأمة بأسرها.
ومع ذلك يرى نفسه وأشياعه هم أهل التوحيد، وافترى افتراءات عديدة في أبيات ساقها للمقدسي.
13- ومما نقله عن أبي بصير الأعمى من الطعن في علماء السنة (ص:63):
« رهبان سوء كغربان تمر بمن يمشي مكباً علـى رجس أوثان
قد أفسدوا الدين ضلوا في فتاويهم وضللوا النـاس عن آيات قرآن
وسلموا الأمر وانقادوا لبيعة مـن لا شرط عقل ولا أركان إيمان
وشوهوا كذباً في كل داعيـة يدعـو لحق وتوحيـد وإيمـان
قالوا خوراج هم، مع أنهم خرجوا لما رأوا حكمهم كفراً ببرهـان
كفـراً بواحـاً صراحاً لا خفـاء به لكنه سفهـاً يحلـو لعميـان
يرونـه شططاً إيمـان مرجئة وينعتونـه كفراً دون كفران »
ثم علق على قوله "لا شرط عقل وأركان إيمان" بقوله:
« معلوم أن أول وأهم شروط الإمام القوام الذي يبايع له بالإمرة على المسلمين أن يكون مسلماً منها: العقل والقرشية، ونحوها مما هو معلوم في مواضعه بأدلته الشرعية، وهؤلاء الحكام الكفرة الذين بايعهم هؤلاء الرهبان وأعطوهم صفقة أيديهم، وثمرة أفئدتهم يفتقرون لأدنى هذه الشروط كالعقل، إذ من يفعل أفاعيلهم من تضييع البلاد والعباد، وجعل خيراتها نهباً لأعدائها، ناهيك عن استبدالهم زبالات شرائع البشر بأحكام الله المطهرة ، من يفعل ذلك دون شك هو من أسفه السفهاء قال تعالى: ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه( )، وقال: ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون( )، ناهيك عن فقدانهم لأهم من ذلك وهو شرط الإسلام والإيمان » (ص:63).
التعليق:
ا- لقد أبرز هذا الكاتب حقيقة مذهب القطبية من تكفيره للأمة وعلى رأسهم سادة العلماء ابن باز وإخوانه.
وكشف حقيقة ما يخفيه كل قطبي ماكر من تكفير الأمة والعلماء، ثم يسترون ذلك بتقيتهم المشابهة للتقية الباطنية، فيظهرون للناس أنهم لا يكفرون وأنهم يحاربون التكفير ومذهب الخوارج وأنهم هم أهل السنة والجماعة، فلو كانوا في حقيقتهم كما يظهرون لما تباكى عليهم هذا الخارجي التكفيري المحترق، ولقد شهد عليهم بالخروج وبرر خروجهم بأنه رأوا الكفر البواح الصراح، وأنهم دعاة حق وتوحيد وإيمان.
وشهد زوراً على العلماء بأنهم سفهاء قد رغبوا عن ملة إبراهيم، وأنهم فقدوا شرط الإسلام والإيمان والعقل.
إن مذهب سيد قطب واضح وضوح الشمس في تكفير المجتمعات الإسلامية منذ قرونها الأولى،وأنه يكفر بالجزئية وبالمعاصي وبالعادة والتقاليد، والقوم يقدسونه ويقدسون كتبه ومنهجه وينشرونه بكل حماس ونشاط، ويربون عليه أتباعهم، وعليه يوالون وعليه يعادون، ومع ذلك كله يتظاهرون بعدم التكفير.
وهم يركضون بمنهج سيد قطب الغالي في التكفير في مشارق الأرض ومغاربـها، وما هذا الرجل التكفيري الصريح وأمثاله إلا ثمرة من ثمرات جهودهم القوية المتوصلة على وجه البسيطة، كفى الله شرهم وفتنتهم.
ب- إن موقف هؤلاء الحقيقي من العلماء ملموس لمس اليد، ويراه البصر والبصيرة النافذة، رغم محاولتهم ستر هذه الحقيقة بتقيتهم وتلبيساتهم الماكرة، ولكن كما قال الله فيمن يستر حقيقة أمره ويظهر خلافها: أم حسب الذين في قلوبـهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم :: ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنّهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم( ).
فلهم نصيب من صفات هؤلاء المرضى وأضغانهم وأحوالهم التي تعرف من لحن أقوالهم ومن مواقفهم وأعمالهم.
قال ابن كثير –رحمه الله-: « أي: أيعتقد المنافقون أن الله لا يكشف أمرهم لعباده المؤمنين، بل سيوضح أمرهم ويجليه حتى يفهمهم ذووا البصائر.
وقال: ولتعرفنّهم في لحن القول أي: فيما يبدوا من كلامهم الدال على مقاصدهم يفهم المتكلم من أي الحزبين هو بمعاني كلامه وفحواه، وهو المراد من لحن القول، كما قال أمير المؤمنين عثمان : "ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفات وجهه وفلتات لسانه" ( ).
نحن لا نكفر القوم، ولكن نعتقد أن في القوم من صفات المنافقين، من الكذب والتقية والتلبيس والحقد على أهل السنة والجماعة الشيء المهلك.
وهو أمر قد جلاه الله وكشفه وفضحهم به، ومهما بالغوا في دس رؤوسهم في الرمال فإن عوراتهم مكشوفة للعيان.
ومهما تكن عند امرء من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم.
وفي المثل: " تعرف أحوال كبار القوم من صغارهم".
ومع وضوح أمرهم لدى أولي الألباب، فإن تصريحات هذا الصغير بالحقيقة قد زادت أمرهم وضوحاً، ولا سيما نظرتهم إلى العلماء.
14- ساق أبياتاً للمقدسي مليئة بالبهت والظلم للعلماء، من ضمنها الأبيات الآتية:
وقايسوا سفهـا حكـام ردتهم على حكومـات إسلام وإيمان
لا عجب قد خنعوا فالجبن صيرهم حرباً على الدين أجناد لقرصـان
هذي طريقة أهل الغي ديدنهم مع أهل توحيدنـا في كل أزمـان
وعلق على البيت الأول منها بقوله: « إشارة إلى بعض شبهات وتلبيسات علماء الضلالة من أهل التجهم والإرجاء، الذين يقايسون حكومات الردة في هذا الزمان على حكومات الخلافة، وينـزلون أقاويل السلف في الحكام المسلمين الظلمة الذين كان كفرهم دون كفر على أئمة الكفر المشرعين المرتدين المتولين للكفار المحاربين لدين الله في هذا الزمان ».
فيتضح من حرب هذا الرجل وأمثاله على من يسمونهم بالجامية والمدخلية أنهم يقصدون السلفيين في كل أقطار الأرض وعلى رأسهم علماء المملكة العربية السعودية، وعلى رأس الجميع ابن باز والعثيمين والفوزان.
مع مولاة إمامهم سيد قطب للروافض، بل والعلمانيين، ومولاة سيدهم عمر عبد الرحمن للروافض، ودعوته للشباب أن يتخذوا من الثورة الإيرانية أسوة.
ومع عيش قادتهم الأبطال في ظلال وحماية ورعاية المشركين والصليبيين في أوربا وأمريكا، بل وأكثر تنظيماتهم وحركاتهم تحيا هذه الحياة، وهكذا يكون تطبيق حاكمية الله في نظرهم، وإنما هو تطبيق لحاكمية الشيطان في جل أو كل خصوماتهم لعلماء السنة وضد السلفية والسلفيين، بل لا ينصفون لا الصحابة ولا المؤمنين، فهم من أشد الناس مخالفة لحاكمية الله وتمرداً عليها ولا أعرف أحداً منهم يرجع إلى الحق خضوعاً لحاكمية الله بدءً بسيد قطب ومحمد قطب، ومروراً بقياداتهم، وانتهاءاً بحثالاتهم.
ونحن ننتظر موقف هذا الذي سمى نفسه بالموحد بعد بيان ظلمه للعلماء والطلاب السلفيين الموحدين حقاً في كل أنحاء المعمورة: هل يرجع إلى الحق تنفيذاً وانقياداً لحاكمية الله، أو يصر على أحكامه الطاغوتية المضادة لحاكمية الله.
وإلا فلينتظر جولات سلفية قادمة تكشف الألاعيب والتلاعب بعقول شباب الأمة وشيبها .
والله ينصر دينه الحق ويكبت خصومه إنه سميع الدعاء.
كتبه: ربيع بن هادي عمير المدخلي .
في 17رمضان 1422هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فإنَّ من الفتن العظيمة التي أصابت كثيراً من المسلمين في دينهم وعقولهم وأثرت في حياتهم وحياة المسلمين عموماً ، الركون إلى أهل الضلال والبدع والجهل بأصول الإسلام ثم الانحراف عنها واتباع المتشابهات من النصوص الشرعية والإعراض عن المحكمات المسلمة لدى أئمة العلم والسنة والهدى من الخلفاء الراشدين فمن بعدهم من الأئمة المهديين .
والفتن كثيرة وقد يجتمع كثير منها في شخص أو جماعة ومن أشد هذه الفتن فتنة خوارج ومرجئة العصر حقاً، فلهذه الفتنة بشقيها المتناقضين انتشار واسع ولهما ضجيج إعلامي مزلزل ومرعب يعرض بكل قوة في شتى الوسائل ، كالكتب والرسائل وفي سائر وسائل الإعلام والتوجيه فعم شره وطم.
وإغراء مادي قد يفوق النوع الأول يغري أخساء النفوس الذين يبيعون دينهم بدنياهم ويشترون الحياة الدنيا بالآخرة فزاد البلاء وعم.
وفي هذه المناقشة سنواجه هاتين الفتنتين وما رافقهما من إفك وظلم للحق وأهله.
أما فتنة الخوارج حقاً فهي فتنة الخوارج القديمة التي تطاول مؤسسها الأول على رسول الله صلى الله عليه وسلم فطعن في عدالته، وواجه الخارجون من ضئضئه صحابة رسول الله صلى لله عليه وسلم ورضي الله عنهم وعلى رأسهم على بن أبي طالب الخليفة الراشد فاستأصل شأفتهم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وصفهم بأنهم شر الخلق والخليقة وحض على قتلهم ورغب فيه.
وجاء الخوارج الجدد فطوروا هذه الفتنة وزخرفوها بشعارات ودعايات إسلامية مبطنة بأكاذيب وأباطيل وتلبيسات وقلب للحقائق يتنـزه عنها أسلافهم الغلاة، وتبلغ فتنتهم أوجها حين يتظاهرون بمحاربة فكر الخوارج والإرجاء وتزداد خطورتها وخطورتهم حين يقذفون بها بهتاً أهل الحق الأبرياء الذابين عن دين الله الحق، والمحاربين للبدع صغيرها وكبيرها
فكر الخوارج وعقيدة الإرجاء
هذه الفئة قد أرهقت الأمة بمشاكلها ولا تعالج مشاكلها العقدية ولا المنهجية ولا السياسية بل أهملت الأولين بل حاربت من يقوم بهما وهما الأساس الذي لا بديل له في الدنيا والآخرة ولا يسبقهما سابق.
وأغرقتهم في السياسة الباطلة بما فيها من أوهام وأحلام وتكهنات باسم فقه الواقع فأساءوا أيما إساءة إلى الإسلام والمسلمين فأفسدوا خلاصة شباب الأمة وأذكياءها، فربوهم على بغض أهل السنة وتشويههم وتشويه منهج الله الحق الذي يدعوا إليه أهل السنة والتوحيد، ويربون عليه من استطاعوا تربيته من أبناء المسلمين.
تعلق هؤلاء القوم السياسيون بجانب من الإسلام، هو ما سموه بالحاكمية تعلقاً سياسياً فحرفوا من أجل ذلك أصل الإسلام كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) وفسروها بمعنى لا يعرفه الأنبياء ولا العلماء من الصحابة فمن بعدهم فقالوا: إن معنى لا إله الا الله : لا حاكم إلا الله، والحاكمية أخص خصائص الألوهية، وشهد كبراؤهم أن الذي فسر لا إله إلا الله قد بين معنى لا إله إلا الله بياناً لا نظير له في هذا العصر، وصدقوا فلم يسبق الرجل إلى هذا المعنى أحد، لا الأنبياء ولا المصلحون ، ذلك المعنى الذي ضيع المعنى الحقيقي للا إله إلا الله وجاء فريق منهم لما لم يسلم العلماء حقاً بـهذا التفسير فقالوا: إن التوحيد أربعة أقسام، رابعها توحيد الحاكمية، وهي لعبة سياسية من جملة ألاعيبهم وحيلهم على الأمة يريدون تخدير من استطاعوا من الشباب السلفي حتى إذا سلموا بهذا التقسيم واطمأنوا إليه جعلوا الحاكمية هي المعنى الأول والأخير للا إله إلا الله.
والأدلة على هذا كثيرة من واقعهم:
1- فهم لا يوالون ولا يعادون من بدء أمرهم إلى الآن إلا على هذا المعنى
( الحاكمية ).
2- وينشرون الكتب التي عنيت به نشراً عجيباً.
3- ويقدسون من اخترع لهم هذا المعنى على ما فيه من ضلالات.
4- ويحاربون من وضع هذا المعنى في موضعه بل يكفرونهم ويعتبرونهم عملاء وجواسيس إلى آخر الاتهامات .
وليتهم إذ تبنوا هذا المعنى ( الحاكمية ) التزموه بصدق وطبقوه على أنفسهم وعلى شيوخهم وعلى خصومهم، بل تجدهم من أشد الناس مخالفة لحاكمية الله وأشد الناس ظلماً في أبواب حاكمية الله والأمثلة لا تحصى من أقوالهم وأفعالهم وموافقتهم.
ويكفي من يعرف دين الله الحق أن يطلع على ما تزخر به مواقعهم في الانترنت من الظلم للأبرياء والبهت الشديد الذي تفننوا فيه وبرعوا في شتى ميادينه الأمر الذي تجازوا فيه طغيان الطغاة وظلم أشد الناس تجبراً وتكبراً، وسأعرض قليلاً من كثير من موقع واحد ألا وهو ما سموه إفكاً بموقع الخوارج يريدون به السلفيين كل السلفيين في المشارق والمغارب، بل سأعرض لك بعضاً من هذا البعض من كتاب سمى صاحبه نفسه "الموحد"؛ أي العدو الألد للموحدين وسمى كتابه "تنقيح المناهج من بدع الخوارج" وما هو إلا تقذير المناهج الصافية بما هو شر من بدع الخوارج.
وسأعرض بعضاً مما حواه الكتاب المذكور، وهو المتعلق فقط بمن سماهم ب"الجامية" و"المدخلية"، وسأدع الباقي لمن يرغب في الذب عن دين الله الحق، وأهله.
فمن ذلك البلاء و الظلم وقلب الحقائق ما يأتي:
1- تشبيه من يحث على إقامة شرع الله ويمدح على إقامة الحدود الشرعية، ويحث على حماية الناس من كتب الضلال ب "المحكمة" من الخوارج، فالمنكر عنده معروف والمعروف عنده منكر.
2- تشبيه السلفيين ب "الشعبية" و"العجاردة" في التولي والتبري، وهذا طعن حتى في منهج الأنبياء والصحابة والسلف في باب الولاء والبراء.
3- اعتماده على المدعو "بأبي قتادة" الذي هو شر من الخوارج، ويعيش في ظلال الانجليز وحمايتهم ورعايتهم، فيقوم هو بالمقابل بتكفير المسلمين وإفتاء الخوارج بسفك دماء المسلمين والمذابح الجماعية للرجال العزل والنساء والأطفال.
4- قام بعض الناس بتحذير وزير الداخلية من نشاط الأحزاب السرية التخريبية للعقائد والمناهج والتربية بل وللعقول ولعل هذا الرجل من رجال الأمن السعودي، فرأى هذا الكاتب الخارجي أن هذا التحذير منكر وجريمة مخابراتية وعبودية منهم لآل سعود، ثم الصقها بالسلفيين، وجعل عمل هذا الرجل عبودية من السلفيين لآل سعود فالنصيحة والتحذير من الفساد والخيانة والدمار، أصبحت من أشد المنكرات وأصبحت في منهج القوم عبودية للبشر.
5- أصبحت الكتب والأشرطة الداعية إلى الكتاب والسنة وإلى منهج السلف الصالح والذابة عن ذلك والداحضة للبدع والضلال والتضليل، أصبحت عمالة وأصحابـها عملاء وجواسيس للأئمة الكفرة المرتدين.
يقول هذا من يدعي إفكاً محاربة الخوارج وتنقيح المناهج من مذهب الخوارج، وهو في الحقيقة ينشر مذهب الخوارج ويدافع عن رؤوسهم في هذا العصر.
6- من إفك هذا الخارجي وشيخه أبي قتادة قوله:
« لقد استطاعت الحكومة السعودية أن تجند الكثير من المشايخ السلفيين في العالم عملاء لها، يكتبون التقارير الأمنية عن نشاط الحركات الإسلامية، وهذه كذلك نتيجة سننية، فإن السلفي الذي يعتقد بإمامة عبد العزيز بن باز ومحمد صالح العثيمين واللحيدان والفوزان وربيع المدخلي كائناً من كان، هذا السلفي ومن أي بلد كان فإنه سيعتقد في النهاية بإمامة آل سعود؛ لأن مشايخه يدينون بالولاء والطاعة لأل سعود … ومن ثم لا نستغرب من وجود طلبة علم سلفيين من الجزائر ومن ليبيا ومن الأردن ومن مصر وسوريا ومن الهند وباكستان وغيرها من الدول عملاء لآل سعود، عملاً بالقاعدة المتقدمة ».
ألا يرى العاقل أن أبا قتادة والكاتب ومن سار على نهجهما أعداء ألداء للمنهج السلفي وعلمائه وطلابه، انظر كيف يضع القواعد الخبيثة ثم يبني عليها أحكاماً أشد خبثاً منها.
ألا ترى أن هذا الأسلوب الخطير من أكبر أنواع الصد عن الإسلام، ومن أكبر أنواع التشويه للإسلام وحملته، كيف استطاع أبو قتادة أن يكتشف هذه الأسرار في كل أنحاء العالم، هل هو وإخوانه الخوارج يتعانون مع أجهزة المخابرات الانجليزية واليهودية والأوربية والأمريكية والهندية والإيرانية، فبجهود هذه الأجهزة مجتمعةاكتشفت هذه الامور والأسرار الخفية.
7- ولما عجز هذا الصنف من البشر عن مقارعة الحجة بالحجة وانهزموا (ص:60) في الميدان العقدي والمنهجي لجأ الكاتب وشيخه أبو قتادة إلى أساليب الشيوعيين والبعثيين في محاربة الإسلام وأهله، بالاتهامات الإجرامية بالعمالة والجاسوسية والارتزاق، فتبين ضياع القوم وأخلاقهم فلجأوا إلى استخدام هذا السلاح وهو سلاح كل عاجز فاجر.
ويمكننا أن نقول: أنتم قد جعلتم السياسة وما يتصل بـها مما تسمونه بفقه الواقع واكتشاف خطط الخصوم وأسرارهم، فهل تعرفون هذه الأمور عن طريق الوحي أو عن طريق شبكات تجسسية تستخدم كل الأساليب الدنيئة للحصول على هذه الأسرار.
8- اعترف الكاتب الخارجي بأن لهم تنظيمات وأعمال سرية فقال:
« إنما نقول حقيقة وواقع، فإن الكثير من الأعمال والحركات قد تم كشف أمرها وفضح سريتها عن طريق هؤلاء العملاء السلفيين ».
وهذا اعتراف بالأعمال الإجرامية السرية ما علم منها ومالم يعلم، وأشار إلى تقريرين نص على اسم واحد منهما بعينه وعجز عن ذكر أسماء الباقين المنتشرين في العالم، مع أن التقريرين لا يخرجان عن النصيحة الشرعية، المطلوبة شرعاً من المسلمين.
9- جعل تجويز الاستعانة بالمشركين التي أجازها الإسلام وعليها جمهور علماء الأمة، جعلها كفراً، وجعل قول العلماء والمؤرخين بأن قبيلة خزاعة عقدت حلفاً مع رسول الله ضد قريش، وحلفائها وبمقتضى هذا الحلف قاتل رسول الله قريشاً؛ لأنها غدرت بخزاعة حلفائه، جعل هذا القول اتهاماً لرسول الله ، وكفر من يقول به، وما وصلت الخوارج الأقدمون إلى هذه الأحكام.
10- يرى نقد الشيخ محمد أمان لسفر تفسيق وتبديع وشن للحرب، ويرى أن السلفيين عموماً خوارج ويدافعون بـهذا النقد عن المشركين والصليبيين ويشنون غاراتهم على الموحدين، بل قد فاقوا الخوارج في ضلالهم وغيهم،
وهكذا يكون العلم والحكم بالعدل في منهج القطبيين، ومن حكمهم بالإسلام وعد لهم حرب من يذب عن قائد الإسلام وعن الأنبياء والصحابة الكرام، وبأنهم عملاء وجواسيس و إلى آخر قواميس أحكامهم، ومن يرتكب هذه الضلالات الكبرى ومن بينها وحدة الأديان والحلول عندهم أئمة هدى ومجددون.
11- يدعي ظلماً أن السلفيين عطلوا الحاكمية؛ لأنهم أخرجوا الحاكمية من التوحيد وجعلوها غير متعلقة بأصل الدين، فهم جهمية مرجئة مع الحكام المرتدين وخوارج مارقة مع علماء المسلمين والموحدين، وشبههم أيضاً بفرق الخوارج "البيهسية" و"الشيبانية".
والذين تكلموا في أقسام التوحيد هم الشيخ ابن باز والشيخ العثيمين والشيخ الفوزان، واعتقد أن من يسميهم ظلماً ب "الجاميين" و"المدخليين"، لم يردوا على القطبيين في هذا التقسيم، فهذه الأحكام المقصود بـها ابن باز ومن ذكر معه من العلماء، علماً بأن العلماء ما أخرجوا الحاكمية عن أنواع التوحيد، بل أدخلوها في توحيد الربوبية، وبعضهم في توحيد الألوهية.
أما سيد قطب ومحمد قطب وأمثالهما فهم أهل التوحيد، وهكذا أيضاً تكون الحاكمية وتطبيقها العملي.
12- قال الكاتب الخارجي: ومن بدعهم -أيضاً- موافقة المحكمة (ص:62) في بدعة( )الإمامة في غير قريش، كفر الملك عبد العزيز وأبناءه وكفرهم وكفر أهل الكويت بأمور تقتضي تكفير الأمة بأسرها.
ومع ذلك يرى نفسه وأشياعه هم أهل التوحيد، وافترى افتراءات عديدة في أبيات ساقها للمقدسي.
13- ومما نقله عن أبي بصير الأعمى من الطعن في علماء السنة (ص:63):
« رهبان سوء كغربان تمر بمن يمشي مكباً علـى رجس أوثان
قد أفسدوا الدين ضلوا في فتاويهم وضللوا النـاس عن آيات قرآن
وسلموا الأمر وانقادوا لبيعة مـن لا شرط عقل ولا أركان إيمان
وشوهوا كذباً في كل داعيـة يدعـو لحق وتوحيـد وإيمـان
قالوا خوراج هم، مع أنهم خرجوا لما رأوا حكمهم كفراً ببرهـان
كفـراً بواحـاً صراحاً لا خفـاء به لكنه سفهـاً يحلـو لعميـان
يرونـه شططاً إيمـان مرجئة وينعتونـه كفراً دون كفران »
ثم علق على قوله "لا شرط عقل وأركان إيمان" بقوله:
« معلوم أن أول وأهم شروط الإمام القوام الذي يبايع له بالإمرة على المسلمين أن يكون مسلماً منها: العقل والقرشية، ونحوها مما هو معلوم في مواضعه بأدلته الشرعية، وهؤلاء الحكام الكفرة الذين بايعهم هؤلاء الرهبان وأعطوهم صفقة أيديهم، وثمرة أفئدتهم يفتقرون لأدنى هذه الشروط كالعقل، إذ من يفعل أفاعيلهم من تضييع البلاد والعباد، وجعل خيراتها نهباً لأعدائها، ناهيك عن استبدالهم زبالات شرائع البشر بأحكام الله المطهرة ، من يفعل ذلك دون شك هو من أسفه السفهاء قال تعالى: ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه( )، وقال: ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون( )، ناهيك عن فقدانهم لأهم من ذلك وهو شرط الإسلام والإيمان » (ص:63).
التعليق:
ا- لقد أبرز هذا الكاتب حقيقة مذهب القطبية من تكفيره للأمة وعلى رأسهم سادة العلماء ابن باز وإخوانه.
وكشف حقيقة ما يخفيه كل قطبي ماكر من تكفير الأمة والعلماء، ثم يسترون ذلك بتقيتهم المشابهة للتقية الباطنية، فيظهرون للناس أنهم لا يكفرون وأنهم يحاربون التكفير ومذهب الخوارج وأنهم هم أهل السنة والجماعة، فلو كانوا في حقيقتهم كما يظهرون لما تباكى عليهم هذا الخارجي التكفيري المحترق، ولقد شهد عليهم بالخروج وبرر خروجهم بأنه رأوا الكفر البواح الصراح، وأنهم دعاة حق وتوحيد وإيمان.
وشهد زوراً على العلماء بأنهم سفهاء قد رغبوا عن ملة إبراهيم، وأنهم فقدوا شرط الإسلام والإيمان والعقل.
إن مذهب سيد قطب واضح وضوح الشمس في تكفير المجتمعات الإسلامية منذ قرونها الأولى،وأنه يكفر بالجزئية وبالمعاصي وبالعادة والتقاليد، والقوم يقدسونه ويقدسون كتبه ومنهجه وينشرونه بكل حماس ونشاط، ويربون عليه أتباعهم، وعليه يوالون وعليه يعادون، ومع ذلك كله يتظاهرون بعدم التكفير.
وهم يركضون بمنهج سيد قطب الغالي في التكفير في مشارق الأرض ومغاربـها، وما هذا الرجل التكفيري الصريح وأمثاله إلا ثمرة من ثمرات جهودهم القوية المتوصلة على وجه البسيطة، كفى الله شرهم وفتنتهم.
ب- إن موقف هؤلاء الحقيقي من العلماء ملموس لمس اليد، ويراه البصر والبصيرة النافذة، رغم محاولتهم ستر هذه الحقيقة بتقيتهم وتلبيساتهم الماكرة، ولكن كما قال الله فيمن يستر حقيقة أمره ويظهر خلافها: أم حسب الذين في قلوبـهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم :: ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنّهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم( ).
فلهم نصيب من صفات هؤلاء المرضى وأضغانهم وأحوالهم التي تعرف من لحن أقوالهم ومن مواقفهم وأعمالهم.
قال ابن كثير –رحمه الله-: « أي: أيعتقد المنافقون أن الله لا يكشف أمرهم لعباده المؤمنين، بل سيوضح أمرهم ويجليه حتى يفهمهم ذووا البصائر.
وقال: ولتعرفنّهم في لحن القول أي: فيما يبدوا من كلامهم الدال على مقاصدهم يفهم المتكلم من أي الحزبين هو بمعاني كلامه وفحواه، وهو المراد من لحن القول، كما قال أمير المؤمنين عثمان : "ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفات وجهه وفلتات لسانه" ( ).
نحن لا نكفر القوم، ولكن نعتقد أن في القوم من صفات المنافقين، من الكذب والتقية والتلبيس والحقد على أهل السنة والجماعة الشيء المهلك.
وهو أمر قد جلاه الله وكشفه وفضحهم به، ومهما بالغوا في دس رؤوسهم في الرمال فإن عوراتهم مكشوفة للعيان.
ومهما تكن عند امرء من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم.
وفي المثل: " تعرف أحوال كبار القوم من صغارهم".
ومع وضوح أمرهم لدى أولي الألباب، فإن تصريحات هذا الصغير بالحقيقة قد زادت أمرهم وضوحاً، ولا سيما نظرتهم إلى العلماء.
14- ساق أبياتاً للمقدسي مليئة بالبهت والظلم للعلماء، من ضمنها الأبيات الآتية:
وقايسوا سفهـا حكـام ردتهم على حكومـات إسلام وإيمان
لا عجب قد خنعوا فالجبن صيرهم حرباً على الدين أجناد لقرصـان
هذي طريقة أهل الغي ديدنهم مع أهل توحيدنـا في كل أزمـان
وعلق على البيت الأول منها بقوله: « إشارة إلى بعض شبهات وتلبيسات علماء الضلالة من أهل التجهم والإرجاء، الذين يقايسون حكومات الردة في هذا الزمان على حكومات الخلافة، وينـزلون أقاويل السلف في الحكام المسلمين الظلمة الذين كان كفرهم دون كفر على أئمة الكفر المشرعين المرتدين المتولين للكفار المحاربين لدين الله في هذا الزمان ».
فيتضح من حرب هذا الرجل وأمثاله على من يسمونهم بالجامية والمدخلية أنهم يقصدون السلفيين في كل أقطار الأرض وعلى رأسهم علماء المملكة العربية السعودية، وعلى رأس الجميع ابن باز والعثيمين والفوزان.
مع مولاة إمامهم سيد قطب للروافض، بل والعلمانيين، ومولاة سيدهم عمر عبد الرحمن للروافض، ودعوته للشباب أن يتخذوا من الثورة الإيرانية أسوة.
ومع عيش قادتهم الأبطال في ظلال وحماية ورعاية المشركين والصليبيين في أوربا وأمريكا، بل وأكثر تنظيماتهم وحركاتهم تحيا هذه الحياة، وهكذا يكون تطبيق حاكمية الله في نظرهم، وإنما هو تطبيق لحاكمية الشيطان في جل أو كل خصوماتهم لعلماء السنة وضد السلفية والسلفيين، بل لا ينصفون لا الصحابة ولا المؤمنين، فهم من أشد الناس مخالفة لحاكمية الله وتمرداً عليها ولا أعرف أحداً منهم يرجع إلى الحق خضوعاً لحاكمية الله بدءً بسيد قطب ومحمد قطب، ومروراً بقياداتهم، وانتهاءاً بحثالاتهم.
ونحن ننتظر موقف هذا الذي سمى نفسه بالموحد بعد بيان ظلمه للعلماء والطلاب السلفيين الموحدين حقاً في كل أنحاء المعمورة: هل يرجع إلى الحق تنفيذاً وانقياداً لحاكمية الله، أو يصر على أحكامه الطاغوتية المضادة لحاكمية الله.
وإلا فلينتظر جولات سلفية قادمة تكشف الألاعيب والتلاعب بعقول شباب الأمة وشيبها .
والله ينصر دينه الحق ويكبت خصومه إنه سميع الدعاء.
كتبه: ربيع بن هادي عمير المدخلي .
في 17رمضان 1422هـ