بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الإخوة الأفاضل / طلبة علم الحديث الشريف
لقد سقط في وسطكم خَبَثٌ ، خَبِيث ، يريد أن يقطع ما وصله الله سبحانه ، من حُبٍّ بينكم وبين الحديث الشريف ؛
وأعداء حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، لا يأتونكم ظاهرين ، لكنهم يستخدمون من الوسائل ، ما يعجز الشيطان عن التفكير فيه.
ومن هذه الوسائل :
1ـ الطعن في المكثرين في رواية الحديث من الصحابة ، كما فعلت الشيعة ، واستن بسنتهم أتباع أبي حنيفة.
2ـ الطعن في كتب الصحاح ، خاصة صحيح البخاري ، رضي الله عنه.
3ـ التشكيك في عدالة علماء الجرح والتعديل ، بأن دافعهم في الحكم كان الهوى ، والعصبية ، والجهل ، والحقد.
وعلى مدار التاريخ لم يهدأ هؤلاء ، وحاولوا ، ورد الله كيدهم ، لأنه حفظ دينه من عبث أصحاب الرأي والهوى ، وكل من اتخذ إلهه هواه.
ومن محمد بن الحسن الشيباني ، حتى الهالك الكوثري ، وتابعه أبي غدة ، استمرت هذه المسيرة ، وإلى اليوم ، حتى أسقطوا من هذا الخبث في هذا الموقع كتابا ، اسمه : الرفع والتكميل ، بل إن الذي قام بتحميله قال :
لقد سمعت من أحد المشايخ يقول : [إنه لا يمكن لطالب علم الجرح والتعديل المبتدئ أن يكمل طلبه في هذا العلم مالم يدرس كتاب الرفع والتكميل في الجرح والتعديل لابو (كذا كتبها ، وصوابها : لأبي ، لأن اللام كما يقولون حرف سَحْبٍ !!) الحسنات اللكنوي].
وهذا مقصود به طمس عقول الشباب الذين يبدؤون خطواتهم الأولى في علم الحديث.
اقرؤوا الكتاب أيها الإخوة ، ولا تحذفوه من الموقع ، فإن أبناء وأحفاد عبد الله بن المبارك ، وسفيان الثوري ، وأحمد بن حنبل ، لم يموتوا ، ما زالوا هنا ، على هذا الرباط ، ومع هذا العهد ، ولن تنحني راية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمام ظلمات الرأي والمذاهب.
يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم ...
والكتاب ، والحنفية عموما ، يزعمون :
1ـ أن كل من طعن في أبي حنيفة ، هم ثلاثة أو أربعة ، من المتأخرين ، وأسانيد ذلك ضعيفة.
2ـ أن الذين طعنوا في أبي حنيفة إنما فعلوا ذلك من باب الحسد ، وعين الحسود !!
3ـ أن أبا حنيفة لم يخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يخرج على الإسلام ، وأن كتاب الرد على أبي حنيفة ، لشيخ البخاري ومسلم ، أبي بكر بن أبي شيبة ، ليس بصحيح ، وفيه افتراءات على أبي حنيفة.
وأقول ، وأنا أقل ، وأصغر ، خادم ، لطلبة علم الحديث الشريف الطاهر ، خذوها من صَعِيديٍّ ، يقف في آخر الصف ، لقلة حيلته ، ولكن حسبه ، أن أمَامَهُ حديثُ محمد صلى الله عليه وسلم ، وليس رأي الخُبث والخبائث :
الأولى ، هذه بعض ، ولا أقول : كل ، الأقوال التي طعن فيها فرسان الحديث الأوائل ، من جميع الطبقات ، في إمام الرأي والهوى ، أخرجوا منها إسنادًا ضعيفا إلى صاحب القول ، ولن تجدوا ، لأن أغلبها من صاحب الكتاب مباشرة :
أولا : من كتاب ((الضعفاء)) للعقيلي 4/280 :
قال سفيان الثوري : قال لنا حماد : أفيكم من يأتى أبا حنيفة ؟ بَلِّغوا عني أبا حنيفة ، أَنِّي بريءٌ منه.
وقال عبد الرحمان بن مهدي : سمعتُ حماد بن زيد يقول : سمعتُ أيوب ، يعني السختياني ، وذُكِرَ أبو حنيفة ، فقال أيوب : ﴿ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.
وقال الحميدي : سمعت سفيان يقول : ما وُلد في الإسلام مولودٌ أضر على الإسلام من أبي حنيفة.
وقال عبد الله بن عون : ما وُلد في الإسلام مولودٌ أشأمَ من أبي حنيفة ، وكيف تأخذون دينكم عن رجل قد خُذل في عظم دينه.
وقال مالك بن أنس : إن أبا حنيفة كادَ الدين ، ومن كادَ الدين فليس له دين.
وقال منصور بن سلمة ، أبو سلمة الخزاعي : سمعتُ حماد بن سلمة ، وسمعتُ شعبة يلعن أبا حنيفة.
وقال محمد بن بشار العبدي ، بُنْدار : ما كان عبد الرحمان بن مهدي يذكر أبا حنيفة إلا قال : بينه وبين الحق حجابٌ.
وقال أحمد بن الحسن الترمذي : سمعتُ أحمد بن حنبل يقول : أبو حنيفة يكذب.
ثانيا : ومن كتاب ((العلل ومعرفة الرجال)) ، لعبد الله بن أحمد بن حنبل (3586 إلى : 4734) :
قال أحمد بن حنبل : حدثنا عبد الله بن إدريس ، قال : قلتُ لمالك بن أنس : كان عندنا علقمة ، والأسود ، فقال : قد كان عندكم من قَلَبَ الأمر هكذا ، يعني أبا حنيفة. ((العلل ومعرفة الرجال)) 1118 و2658.
ـ قال سفيان الثوري : استُتِيبَ أبو حنيفة مرتين.
ـ وقال سفيان الثوري : حدثني عباد بن كثير ، قال : قال لي عمرو بن عبيد : سل أبا حنيفة ، عن رجل قال : أنا أعلم أن الكعبة حق ، وأنها بيت الله ، ولكن لا أدري هي التي بمكة أو التي بخراسان ، أمؤمن هو ؟! قال : مؤمن.
قال لي : سله عن رجل قال : أنا أعلم أن مُحَمَّدًا حق ، وأنه رسول الله ، ولكن لا أدري هو الذي كان بالمدينة ، أو محمد آخر ، أمؤمن هو ؟ قال مؤمن.
ثالثا : ومن ((التاريخ الكبير)) للبخاري :
ـ قال البخاري : نعمان بن ثابت ، أبو حنيفة الكوفي ، مولًى لبني تيم الله بن ثعلبة ، كان مرجئًا ، سكتوا عنه ، وعن رأيه ، وعن حديثه. ((التاريخ الكبير)) 8/81.
ـ وقال البخاري : يعقوب بن إبراهيم ، أبو يوسف القاضي ، سمع الشيباني ، وصاحبه أبو حنيفة تركوه. ((التاريخ الكبير)) 8/397.
رابعًا : ومن كتاب ((المعرفة والتاريخ)) ليعقوب بن سفيان 2/783 ، وما بعدها :
ـ قال عمار بن رزيق : إذا سُئلت عن شيءٍ ، فلم يكن عندك شيءٌ ، فانظر ما قال أبو حنيفة ، فخالفه ، فإنك تصيب.
وقال إبراهيم بن محمد الفزاري : كنا عند سفيان الثوري ، إذ جاءه نعيُ أبي حنيفة ، فقال : الحمد لله الذي أراح المسلمين منه ، لقد كان ينقض عرى الإسلام عروةً عروةً ، ما وُلد في الإسلام مولودٌ أشأم على الإسلام منه.
وقال سليمان بن حرب : حدثنا حماد بن زيد ، قال : قال ابن عون : نُبئت أن فيكم صدادين ، يصدون عن سبيل الله . قال سليمان بن حرب : وأبو حنيفة ، وأصحابه ، ممن يصدون عن سبيل الله.
وقال سلام بن أبي مطيع : كنتُ مع أيوبَ في المسجد الحرام ، قال : فرآه أبو حنيفة ، فأقبل نحوه ، قال : فلما رآه أقبل نحوه ، قال لأصحابه : قوموا ، لا يُعدنا بالجَرَبَة ، قوموا ، لا يُعْدِنا بالجَرَبَة.
خامسًا : ومن كتاب ((الجرح والتعديل)) ، لابن أبي حاتم 8/449 :
عن أبى عبد الرحمان المقرىء ، قال : كان أبو حنيفة يُحدثنا ، فإذا فرغ من الحديث ، قال : هذا الذي سمعتم كله ريحٌ وباطلٌ.
وقال الحسين بن الحسن المروزي : ذُكِرَ أبو حنيفة عند أحمد بن حنبل ، فقال : رأيُهُ مذمومٌ ، وبَدَنُهُ لا يُذكر.
سادسا : ومن كتاب ((المجروحين)) ، لابن حِبَّان : 3/60 :73.
قال عبد الرحمان بن مهدي ، وذَكَر أبا حنيفة ، فقرأ : ﴿ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ﴾.
سابعا : ومن كتاب ((تاريخ بغداد)) 13/416 ، وما بعدها :
قال إسماعيل بن بشر : سمعتُ عبد الرحمان بن مهدي يقول : ما أعلم في الإسلام فتنةً ، بعد فتنة الدجال ، أعظمَ من رأي أبي حنيفة.
وقال الأوزاعي ، لما مات أبو حنيفة : الحمد لله ، إن كان لينقض الإسلام عروةً عروةً.
وقال مطرف : سمعت مالكًا يقول : الداء العضال الهلاك في الدين ، وأبو حنيفة من الداء العضال.
وقال مزاحم بن زفر : قلتُ لأبي حنيفة : يا أبا حنيفة ، هذا الذي تُفتي ، والذي وضعت في كتبك ، هو الحق الذي لا شك فيه ؟ قال : فقال : والله ما أدري ، لعله الباطل الذي لا شك فيه.
وقال عبد الله بن المبارك : من نظر في كتاب الحِيَل لأبي حنيفة ، أَحل ما حَرَّمَ الله ، وَحَرَّمَ ما أحل الله.
وقال عبد الله بن المبارك : من كان عنده كتاب حِيَل أبي حنيفة ، يستعمله ، أو يُفتي به ، فقد بطل حَجُّه ، وبانت منه امرأته ، فقال مولى ابن المبارك : يا أبا عبد الرحمان ، ما أدري وضع كتاب الحيل إلا شيطان ، فقال ابن المبارك : الذي وضع كتاب الحيل أشر من الشيطان.
وقال أحمد بن سعيد الدارمي : سمعتُ النضر بن شُميل يقول : في كتاب الحِيَل كذا كذا مسألة ، كلها كُفر.
وقال ابن المبارك : كنتَ إذا أتيتَ مجلسَ سفيان ، فشئتَ أن تسمع كتابَ الله ، سمعته ، وإن شئتَ أن تسمع آثارَ رسول اللهِ r ، سمعتَها ، وإن شئتَ أن تسمع كلامًا في الزهد ، سمعتَه ، وأما مجلسٌ ، لا أذكر أني سمعتُ فيه قط ، صُلِّىَ على رسول اللهِ r ، فمجلسُ أبي حنيفة.
وقال عبد الله بن عبد الرحمان الدارمي : سُئل قيس بن الربيع ، عن أبي حنيفة ، فقال : مِنْ أجهل الناس بما كان ، وأعلمه بما لم يكن.
وقال ابن أبي حاتم : حدثني الربيع بن سليمان المرادي ، قال : سمعتُ الشافعي يقول : أبو حنيفة يضع أول المسألة خطأ ، ثم يقيس الكتاب كله عليها.
وقال محمد بن حماد المقرئ : سألتُ يحيى بن مَعِين عن أبي حنيفة ، فقال : وإيش كان عند أبي حنيفة من الحديث حتى تسأل عنه ؟!.
وقال مسلم بن الحجاج ، صاحب الصحيح : أبو حنيفة ، النعمان بن ثابت ، صاحب الرأي ، مضطرب الحديث ، ليس له كبير حديثٍ صحيحٍ.
وقال النسائي : أبو حنيفة ، النعمان بن ثابت ، كوفيٌّ ، ليس بالقوي في الحديث.
وقال مُسَدَّد : سمعتُ أبا عاصم يقول : ذكر عند سفيان موتُ أبي حنيفة ، فما سمعته يقول رحمه الله ، ولا شيئًا ، قال : الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاه به.
انتهى نقلا من تاريخ بغداد ، للخطيب ، وذلك باختصار شديد ، ولو رجع الباحث لوجد أضعاف مانقلنا ، وأشد منه.
هذه كانت الأولى ، والثانية ،
الحسد ، والحقد ، وهذه هي التي أضحكت الثكلى.
أيها الإخوة ؛ من يحسد من ؟ ومن يحقد على من ؟
قال ابن حبان : النعمان بن ثابت ، أبو حنيفة ، الكوفي ، صاحب الرأي.
يروي عن عطاء ونافع ، كان مولده سنة ثمانين ، وكان أبوه مملوكا لرجل من بني ربيعة من تيم الله من نجد ، يقال لهم : بنو قفل ، فأعتق أبوه ، وكان خبازا لعبد الله بن قفل ، ومات أبو حنيفة سنة خمسين ومئة ببغداد ، وقبره في مقبرة الخيزران ، وكان رجلا جدلا ، ظاهر الورع ، لم يكن الحديث صناعته ، حدث بمئة وثلاثين حديثا مسانيد ، ما له حديث في الدنيا غيره ، أخطأ منها في مئة وعشرين حديثا ، إما أن يكون قلب إسناده ، أو غير متنه ، من حيث لا يعلم ، فلما غلب خطؤه على صوابه استحق ترك الاحتجاج به في الأخبار ، ومن جهة أخرى لا يجوز الاحتجاج به ، لأنه كان داعيا إلى الإرجاء ، والداعية إلى البدع لا يجوز أن يُحتج به عند أئمتنا قاطبة ، لا أعلم بينهم فيه خلافًا ، على أن أئمة المسلمين ، وأهل الورع في الدين ، في جميع الأمصار ، وسائر الأقطار ، جَرَّحُوه ، وأطلقوا عليه القدح ، إلا الواحد بعد الواحد. ((المجروحون)) 3/61.
أيها الإخوة ، بداية : حدث أبو حنيفة بمئة وثلاثين حديثا مسانيد ، ما له حديث في الدنيا غيره ، أخطأ منها في مئة وعشرين حديثا.
وهذا راسبٌ ، مع مرتبة الشرف.
أحمد بن حنبل الذي كان يحفظ ألف ألف حديث ، والبخاري ، والذي كان يحفظ ستمئة ألف حديث ، وباقي الأشراف الأطهار ، يحسدون رجلا لم يُصب في حياته إلا في عشرة أحاديث ، وأخطأ في مئة وعشرين ، ويحقدون عليه ، فمتى حُسد الأعمى على ضياع عصاه ؟!
وعندما كنت أعيش في العراق ، لإتمام المسند الجامع ، بعد أن مات أخي ، وصديق عمري ، السيد أبو المعاطي النوري ، يرحمه الله ، اتصل بي الدكتور بشار عواد معروف ، وأخبرني أن عبد الفتاح أبا غدة يريد زيارتي ، وطلب مني الدكتور بشار عدم الخوض في سيرة أبي حنيفة ، لعدم الإحراج ، وجاء عبد الفتاح ، وأخذت أبحث طوال جلستنا عن مدخل لذكر الحقيقة ، حتى ذُكر اسم الإمام البخاري ، فقلت : عليه رضوان الله ، كان يصل إلى القمة ، ونهاية الأمر من أقصر الطرق ، فقد طعنت الأمة كلها في أبي حنيفة ، وكتبوا صفحات وصفحات ، وجمع البخاري ذلك كله في جملة واحدة ، قال : نعمان بن ثابت ، أبو حنيفة الكوفي ، مولًى لبني تيم الله بن ثعلبة ، كان مرجئًا ، سكتوا عنه ، وعن رأيه ، وعن حديثه. ((التاريخ الكبير)) 8/81.
ولم يتكلم (فرخُ) الكوثري بكلمة ، والدكتور بشار حي يرزق ، واسألوه.
لماذا أقول ذلك ؟ أقولها ، لأن الروافض والحنفية ، يستغلون جهل الناس ، وأن الناس لن يقرؤوا ، ولن يراجع أحد.
فالرافضي يأتيك بحديث من مستنقع الكذب ، ثم ينسبه للنبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يقول : رواه البخاري ، كما فعل كثير من النصارى على مواقعهم في هذه الشبكة.
والحنفية على المذهب عيَنْه ، وعلى هذه المِلة ، فإذا عرف أنك دارسٌ ، وباحثٌ ، دخلوا جحورهم ، وأغلقوها ، وإذا تحدثوا إلى ناس يحسبونهم (مغفلين) فإنه يقول لك : ومن الذي تكلم في أبي حنيفة ؟ واحدٌ جاهل من المتأخرين !!.
والثالثة ؛ ردهم ، وكراهيتهم ، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ونفتح أولاً ((مصنف ابن أبي شيبة)) ، المجلد الرابع عشر ، كتاب الرد على أبي حنيفة.
والحمد لله ، أن الذي روى ذلك ، وذكره ، هو واحدٌ من أكبر علماء الحديث في هذه الأُمة ، وهو شيخ أحمد بن حنبل ، في المسند ، وشيخُ البخاريِّ ، ومسلم ، في الصحيحين ، إنه عبد الله بن محمد ، أبو بكر بن أبي شيبة ، صاحب ((المُصَنَّف)).
وكما فعلنا من قبل ، سنأخذ بعض النقول ، تاركين للباحث أن يستكمل القراءة ، من المصدر الذي نقلنا منه.
يقول أبو بكر بن أبي شيبة :
هذا ما خالف به أبو حنيفة الأثرَ الذي جاء عن رسول الله :
- حدثنا ابن نمير ، حدثنا عُبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عُمر ؛
(( أَنَّ النَّبِيَّ رَجَمَ يَهُودِيْيَنِ ، أَنَا فِيمَنْ رَجَمَهُمَا.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : ليس عليهما رجم.
- حدثنا ابن نُمير ، وأبو أسامة ، عن عُبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ،
(( عَنِ النَّبِيِّ ؛ أَنَّهُ قَسَمَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : سهمٌ للفرس ، وسهمٌ لصاحبه.
- حدثنا ابن عُيينة ، عن عَمرو ، سمع جابرًا يقول :
(( دَبَّرَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ غُلاَماً لَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ ، فَبَاعَهُ النَّبِيُّ ، فَاشْتَرَاهُ ابْنُ النَّحَّامِ ، عَبْداً قِبْطِيًّا ، مَاتَ عَامَ الأَوَّلِ فِى إِمَارَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يُباع.
قال محمد بن الحسن الشيباني : أما نحن فلا نرى أن يُبَاع المدبَّر. ((الموطأ)) بروايته (841).
- حدثنا ابن عيينة ، عن الزُّهْرِيّ ، عن عروة ، عن المسور بن مخرمة ، ومروان ؛
(( أَنَّ النَّبِيُّ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ ، خَرَجَ فِى بِضْعَ عَشْرَةَ مِئَةً مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ، قَلَّدَ الْهَدْيَ ، وَأَشْعَرَ ، وَأَحْرَمَ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : الإشعار مثلة.
- حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، سمع جابرًا يقول : سمعتُ ابن عباس يقول : سمعت النبي يقول :
إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُحْرِمُ إِزَارًا ، فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ ، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ .)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يفعل ، فإن فعل فعليه دم.
- حدثنا ابن عُيينة ، عن الزُّهْرِيّ ، عن سالم ، عن أبيه ،
(( أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ ، جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يُجزئه أن يفعل ذلك.
- حدثنا ابن عيينة ، عن الزُّهْرِيّ ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس ؛
(( أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى النَّبِيَّ فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ ، وَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ ، فَقَالَ : اقْضِهِ عَنْهَا.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يجزئ ذلك.
- حدثنا ابن عيينة ، عن الزُّهْرِيّ ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول :
سَقَطَ النَّبِيُّ عَنْ فَرَسٍ ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ ، فَصَلَّى بِنَا قَاعِداً ، وَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قِيَامًا ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ ، قَالَ : إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا ، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا ، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا ، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ . فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، وَإِنْ صَلَّى قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُوداً أَجْمَعُونَ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يؤم الإمام وهو جالس.
- حدثنا ابن عيينة ، عن الزُّهْرِيّ ، عن عيسى بن طلحة ، عن عبد الله بن عمرو قال :
(( أَتَى النَّبِيَّ رَجُلٌ ، فَقَالَ : حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ . قَالَ : فَاذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ ، قَالَ : ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ . قَالَ : ارْمِ وَلاَ حَرَجَ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : عليه دم.
- حدثنا وكيع ، وأبو خالد الأحمر ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة ابنة المنذر ، عن أسماء ابنة أبي بكر ، قالت :
(( نَحَرْنَا فَرَساً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ ، أَوْ أَصَبْنَا مِنْ لَحْمِهِ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا تؤكل.
- حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود ؛
(( أَنَّ النَّبِيَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ الْكَلاَمِ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : إذا تكلم فلا يسجدهما.
- حدثنا هشيم ، عن عبد العزيز ، عن أنس بن مالك ،
(( أَنَّ النَّبِيَّ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَتَزَوَّجَهَا . قَالَ : فَقِيلَ لَهُ : مَا أَصْدَقَهَا ؟ قَالَ : أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا ، جَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يجوز إلا بمهر.
- حدثنا ابن عُيينة عن الزُّهْرِيّ ، عن حميد بن عبد الرحمان ، عن أبي هريرة ، قال :
(( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَ : هَلَكْتُ . قَالَ : وَمَا أَهْلَكَكَ ؟ قَالَ : وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ . قَالَ : أَعْتِقْ رَقَبَةً ، قَالَ : لاَ أَجِدُ ، قَالَ : صُمْ شَهْرَيْنِ ، قَالَ : لاَ أَسْتَطِيعُ ، قَالَ : أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا ، قَالَ : لاَ أَجِدُ ، قَالَ : اجْلِسْ ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ ، إِذْ أُتِيَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ : اذْهَبْ فَتَصَدَّقْ بِهِ ، قَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، مَا بَيْنَ لاَبَتَيِ الْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنَّا ، فَضَحِكَ ، حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ، ثُمَّ قَالَ : انْطَلِقْ فَأَطْعِمْهُ عِيَالَكَ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يجوز أن يطعمه عياله.
- حدثنا ابن عُلية ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي ، قال :
(( طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ ، إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ ، أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، أُولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : يجزئه أن يغسل مرة.
حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال :
(( خَرَّ رَجُلٌ عَنْ بَعِيرِهِ ، فَوُقِصَ ، فَمَاتَ ، وَهُوَ مُحْرِمٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ : اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : يغطى رأسه.
- حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزُّهْرِيّ ، عن سالم ، عن أبيه ، قال : قال النبي :
(( مَنِ اقْتَنَى كَلْباً ، إِلاَّ كَلْبَ صَيْدٍ ، أَوْ مَاشِيَةٍ ، نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا بأس باتخاذه.
ونترك من أراد أن يُكمل فصولَ هذه الجريمة ، ليقرأ ما تبقى من كتاب ((الرد على أبي حنيفة)) ، في ((مصنف ابن أبي شيبة)). فقد ذكر أبو بكر بن أبي شيبة نحو أربع مئة حديث ، عن النبي ، ردها أبو حنيفة جميعًا ، على الصورة التي ذكرناها ، فارجع إليها ، لتعرف أن فتنة اتباع الرأي والهوى ، أسوأ مما خطر على بال إبليس.
- وروى الترمذي حديث عبد الله بن زيد بن عاصم ، قَالَ :
(( خَرَجَ النَّبِيُّ إِلَى الْمُصَلَّى ، فَاسْتَسْقَى ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.)).
قال الترمذي : قال النعمان أبو حنيفة : لا تُصلَّي صلاة الاستسقاء ، ولا آمرهم بتحويل الرداء ، ولكن يدعون ، ويرجعون بجملتهم.
قال أبو عيسى الترمذي : خالف السنة.
والله ، إنك لرجلٌ طيبٌ ياترمذي ، كل هذا ، وخالف السنة ، يا أخي ؛
﴿ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا ﴾.
وننقل من تاريخ بغداد 13/403 ، وما بعدها :
قال بشر بن مفضل : قلتُ لأبي حنيفة : نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي r قال :
(( الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا.)).
قال : هذا رَجَزٌ.
قلتُ : قتادة ، عن أنس ؛
(( أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَخَ رَأْسَ امْرَأَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ ، فَقَتَلَهَا ، فَرَضَخَ النَّبِيُّ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ.)).
قال : هَذَيَانٌ.
وقال سفيان بن عيينة : ما رأيتُ أجرأَ على الله من أبي حنيفة ، كان يضرب الأمثال لحديث رسولِ الله r ، فيرده ، بَلَغَهُ أني أروي ؛ أن (( الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا.)).
فجعل يقول : أرأيت إن كانا في سفينة ؟ أرأيت إن كانا في السجن ؟ أرأيت إن كانا في سفر ، كيف يفترقان ؟.
وقال وكيع : سأل ابنُ المبارك أبا حنيفة ، عن رفع اليدين في الركوع ، فقال أبو حنيفة : يريد أن يطير فيرفع يديه ؟ قال وكيع : وكان ابن المبارك رجلاً عاقلاً ، فقال ابن المبارك : إن كان طار في الأُولى ، فإنه يطير في الثانية ، فسكت أبو حنيفة ، ولم يقل شيئًا.
وبعد هذا كله ، نسمع من يقول : لعل هذا كله لم يقله أبو حنيفة ، وأن هؤلاء كذبوا عليه.
نقول لهم : لا بأس ، سنأخذكم الآن إلى التلميذ الثاني لأبي حنيفة ، وهو محمد بن الحسن الشيباني ، وهو من أقرب الناس إليه ، وأتباعُ أبي حنيفة ، على مدار التاريخ ، يعتبرون أن أساسَ المذهب يقومُ على أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد بن الحسن الشيباني ، نعم : الأب ، والابن ، والروح القدس ، وقد روى الشيباني ((الموطأ)) عن مالك ، ولم يكتف بحديث النبي ، بل وضع كلامَ النبي في كِفَّةٍ ، وكلامَ أبي حنيفة في كفة ، وجعلها الراجحةَ على كفة النبي ، ونعوذ برب الفلق ، وهنا لن يتمكن أتباعُ أبي حنيفة أن يقولوا : إن محمد بن الحسن أيضًا قد كذب على شيخه ، وشيطانه.
فلنقرأ شيئا من الشرك بالله ، مضطرين ، تاركين من أراد الحقيقة أن يواصل البحث ، وسنقرأ من الموطأ ، برواية محمد بن الحسن الشيباني :
- الحديث رقم (5) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرنا عَمرو بنُ يَحْيى بنِ عُمَارة بنِ أبي حَسَنٍ المازِنيُّ ، عن أبيه يحيى أنَّه سَمِعَ جدَّهُ أبا حَسَن يَسألُ عبدَ اللَّهِ بنَ زَيْد بن عَاصِمٍ وكان من أصحابِ رسولِ اللَّه r قال: هل تستطيعُ أن تُرِيَني كيف كان رسول اللَّه r يَتَوَضَّأُ قال عبدُ اللَّه بنُ زَيْدٍ: نَعْمَ ،
(( فدعا بِوَضُوْءٍ فَأَفْرَغَ على يَدَيْهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْن ، ثُمَّ مَضْمَضَ ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثَاً، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ إلَى المِرْفَقَيْن مَرَّتَيْن ، ثُمَّ مَسَحَ مِنْ مُقَدَّمِ رأسِهِ حتى ذَهَبَ بهما إلى قَفَاه ، ثُمَّ رَدّهُما إلى المكانِ الَّذِي منه بَدَأَ، ثمّ غَسَلَ رِجْلَيْه.)).
قال محمد بن الحسن : هَذَا حَسَنٌ ، والوُضوءُ ثَلاثاً ثلاثاً أفْضَلُ ، والاثنان يُجْزِيان ، والواحدةُ إذا أَسْبَغَتْ تُجزئ أيضاً ، وهو قول أبي حنيفة.
وأقول : ياليت أُمك لم تلدك ، مَنْ أنت ؟ ومن إمامك ؟ وما الدنيا ومَنْ عليها ؟ حتى يقول قائل وراء فعلٍ لمُحَمَّدٍ النبيِّ الأُمِّي : هذا حسن ، والأفضل كذا ، ويُجزئ كذا.
تقول : هذا حسن ؟! قَبَّحَك الله ، وقَبَّح إمامك.
أنت الذي تُقَيِّمُ كلامَ محمد ، والذي قيمه الله تعالى من فوق سبع سماوات ، في أعظم كتاب نزل من السماء إلى الأرض ، بقوله :
﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ﴾. [النجم 1:5].
والمسلم ، وليس المشرك ، عندما يقرأ كلام النبي ، أو يقرأ عن فعله ، لا يقول : هذا حسن ، ولا هذا جيد ، بل هي سنة واحدة :
﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ . [النور: 51].
- الحديث رقم (9) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرنا أبو الزِّناد، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أنَّ رسول الله r قال :
((إذا استيقظ أَحَدُكُم من نومِهِ فَلْيَغْسِل يَدَه قبل أن يُدْخِلَها في وَضُوئِهِ ، فإنَّ أَحَدَكم لا يَدري أين باتت يَدُه.)).
قال محمد: هذا حَسَن ، وهكذا ينبغي أن يُفعَلَ ، وليس من الأمر الواجب ، الذي إنْ تركه تاركٌ أَثِم ، وهو قول أبي حنيفة.
هل قرأت فعل الأمر في كلام النبي : ((فَلْيَغْسِل)) ، الذي ياتي بعده نَكِرَةٌ ، ليجعل الأمرَ ليس بواجبٍ ، تبعًا لشيطانه !!.
- الحديث رقم (40) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، حدثنا الزُّهْرِيّ ، عن عُبيد الله بن عبد الله ، عن أمِّ قيس بنتِ مِحْصَن ؛
(( أَنَّهَا جَاءَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ ، لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَوَضَعَهُ النَّبِيُّ r فِي حِجْرِهِ ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ ، فَدَعَا بِمَاءٍ ، فَنَضَحَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ.)).
قال محمد بن الحسن : قد جاءت رخصةٌ في بول الغلام ، إذا كان لم يأكل الطعام ، وأمر بغَسْلِ بول الجارية ، وغَسْلُهما جميعاً أحبُّ إلينا ، وهو قول أبي حنيفة .
رأيتَ في الحديث أن النبي لم يغسله.
ورأيت في وكر الشياطين أن الغسل أحب إليهم.
- الحديث رقم (55) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرنا عبدُ الله بنُ دينار ، عن ابن عُمَرَ ؛
(( أَنَّ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، ذكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ r أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ ، قَالَ : تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ، وَنَمْ.)).
قال محمد بن الحسن : وإن لم يتوضَّأ ، ولم يغسِل ذكره ، حتى ينام ، فلا بأس بذلك أيضاً.
هل سمعتَ ؟ هل رأيتَ مافرخ الشيطان ؟!.
محمد بن عبد الله يقول : ((... تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ، وَنَمْ.)).
وفَرْخ الشيطان ، محمد بن الحسن الشيباني يقول : وإن لم يتوضَّأ ، ولم يغسِل ذكره ، حتى ينام ، فلا بأس.
- الحديث رقم (58) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، حدثنا صفوان بن سُلَيم ، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري: أنَّ رسول الله r قال:
((غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ.)).
قال محمد بن الحسن : الغُسْلُ أفضلُ يومَ الجمعة ، وليس بواجبٍ .
هل مازلت تقرأ معي ؟ وهل مازال عندك صبرٌ لأن تخوض في هذا الوحل ؟!.
النبي يقول : واجبٌ.
وهذا الأبتر ، تلميذ الشيطان ، بل إنهم أساتذة الشياطين ، يقول : ليس بواجب.
إن بني إسرائيل لم يفعلوا كل ذلك.
- الحديث رقم (99) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، حدثنا الزهري ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، أن عبد الله بن عمر قال :
(( كَانَ رَسُولُ الله إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ ، رَفعَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ رَفعَ يَدَيْهِ ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفعَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ ، ثُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ.)).
أخرجه أحمد ، والدارمي ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، وابن ماجة ، والترمذي ، والنسائي ، وأبو يعلى ، وابن خزيمة ، وابن حِبَّان.
قال محمد بن الحسن : السنَّة أن يكبِّر الرجل في صلاته كلما خفض ، وكلما رفع ، وإذا انحطّ للسجود كبَّر، وإذا انحطّ للسجود الثاني كبَّر ، فأما رفع اليدين في الصلاة ، فإنه يرفع اليدين حذو الأذنين في ابتداء الصلاة مرَّةً واحدة ، ثم لا يرفع في شيْء من الصلاة بعد ذلك، وهذا كله قول أبي حنيفة. انتهى هذا القيء.
وقول أبي حنيفة عند هؤلاء مقدم على قول ، وفعل ، رسولِ الله .
هل يمكنك أن تُقنع أحدًا على مذهب أبي حنيفة برفع يديه في هذه المواطن ، التي رفع فيها النبي يديه ؟!.
قد يحدث ، ويستجيب لك ، ولكن إذا قَبِلَ ابن نوحٍ أن يركب الفلك مع أبيه !!.
- الحديث رقم (136) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرني الزُّهْرِيّ ، عن سعيد بن المسيّب ، وأبي سلمة بن عبد الرحمان ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله r قال:
إذا أمَّن الإمام فَأمَنِّنوا ، فإنه من وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفر له ما تقدَّم من ذنبه، قال : فقال ابن شهاب : كان النبي r يقول: آمين.
قال محمد بن الحسن : وبهذا نأخذ ، ينبغي إذا فرغ الإمام من أُم الكتاب أن يؤمّن الإمام ، ويؤمّن مَنْ خلفه ، ولا يجهرون بذلك ، فأما أبو حنيفة ، فقال : يؤمّن مَنْ خلف الإمام ، ولا يؤمن الإمام.
- الحديث رقم (158) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، حدثنا الزُّهْرِيّ ، عن أنس بن مالك ؛
(( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَكِبَ فَرَسًا ، فَصُرِعَ عَنْهُ ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ ، فَصَلَّى صَلاَةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهْوَ جَالِسٌ ، فَصَلَّيْنَا جُلُوسًا ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ « إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ ، إِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا ، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا ، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِنْ صَلَّى قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ.)).
قال محمد بن الحسن : ما روي من قوله : إذا صلى الإمامُ جالسًا ، فصلوا جلوسًا أجمعين ، فقد روي ذلك ، وقد جاء ما قد نسخه.
إلى هنا والضلال لم يتغير ، ولكي نقف على مدى هذا الشرك ، نقرأ ما ذكره محمد بن الحسن ، عقب هذا الكلام ، مبينا سبب النسخ :
قال محمد بن الحسن : حدثنا بشر ، حدثنا أحمد ، أخبرنا إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي ، عن جابر بن يزيد الجُعْفي ، عن عامر الشَّعبي ، قال : قال رسول الله r :
(( لا يؤُمَّنَّ الناسَ أحدٌ بعدي جالسًا.)).
فأخذ الناسُ بهذا.
هذا هو دين أبي حنيفة ، وأتباعه ، بل دين كل الذين اتخذوا من دون الله أندادًا.
الحديث الأصل ، إسناده : مالك ، حدثنا الزُّهْرِيّ ، عن أنس بن مالك ، عن النبي .
إسناد صحيح ، ثابت ، متصلٌ ، بين مالك ، وبين النبي فيه رجلان.
يأتي هذا المشرك الجاهل ، لينسخه بما يلي :
1- برواية عامر الشعبي ، عن النبي ، والشعبي من وسط التابعين ، لم يدرك أبابكر ، ولا عمر ، ولا عثمان ، ولا علي ، فكيف يروي عن النبي ؟!.
2- رواه عن الشعبي : جابر بن يزيد الجُعفي ، كذاب يضع الحديث ، ولأن الأمر صار كله عجبًا ، فقد قال أبو حنيفة بنفسه : ما لقيت فيمن لقيت أكذب من جابرٍ الجُعفي ، ما أتيتُه بشيء من رأيي ، إلا جاءني فيه بأثر. راجع ((تهذيب الكمال)) (879).
هذا مارَدَّ به أصحابُ الأهواء سُنَّةَ مُحَمَّدٍ .
ونقرأ الآن في ناحية أخرى ، ناحية الإسلام ، والتقوى ، ناحيةِ الذين آمنوا به ، وعَزَّرُوهُ ونصروه ، واتَّبَعُوا النورَ الذي أُنْزل معه.
ماذا يحدث لو أن واحدًا من أهل الحديث قرأ هذا الحديث ، ماذا يقول وراءه ؟.
افتح معي ((صحيح ابن حِبَّان)) ، وهذا الحديث في ورد فيه برقم (2108) ، وقال ابن حِبَّان ، بعده :
في هذا الخبر بيانٌ واضحٌ ، أن صلاةَ المأمومين قعودًا ، إذا صلى إمامُهم قاعدًا ، من طاعة الله جَلَّ وعلا ، التي أمر عبادَهُ ، وأول من أبطل في هذه الأُمة صلاةَ المأموم قاعدًا ، إذا صلى إِمامُهُ جالسًا : المغيرة بن مِقسم ، صاحب النخعي ، وأخذ عنه حمادُ بن أبي سليمان ، ثم أخذ عن حمادٍ أبو حنيفة ، وتبعه عليه من بعده من أصحابه ، وأعلى شيءٍ احتجوا به فيه ، شيءٌ رواه جابرٌ الجُعْفي ، عن الشعبي ، قال : قال رسول الله :
(( لا يؤُمَّنَّ أحدٌ بعدي جالسًا.)).
وهذا لو صح إسناده ، لكان مرسلاً ، والمرسل من الخبر ، وما لم يُرْو ، سيان في الحكم عندنا ، لأنا لو قبلنا إرسالَ تابعيٍّ ، وإن كان ثقةً ، فاضلاً ، على حسن الظن ، لَزَمَنَا قبولَ مثله عن أتباع التابعين ، ومتى قبلنا ذلك ، لَزَمَنَا قبولَ مثله عن تَبَعِ الأَتْبَاع ، ومتى قبلنا ذلك ، لَزَمَنَا قبول مثل ذلك عن تُبَّاعِ التَّبَعِ ، ومتى قبلنا ذلك ، لَزَمَنَا أن نقبل من كل إنسانٍ إذا قال : قال رسولُ الله ، وفي هذا نقضٌ الشريعة.
والعجب ممن يحتج بمثل هذا المرسل ، وقد قدح في روايته زعيمُهم ،
فيما أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان ، بالرقة ، قال : حدثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعتُ أبا يحيى الحِماني ، قال : سمعتُ أبا حنيفة يقول : ما رأيتُ ، فِيمن لقيتُ ، أفضل من عطاء ، ولا لقيتُ ، فيمن لقيتُ ، أكذبَ من جابرٍ الجُعْفي ، ما أتيتُه بشيءٍ قطُّ من رأيٍ ، إلا جاءني فيه بحديث ، وزعم أن عنده كذا وكذا ألف حديث ، عن رسول الله ، لم ينطق بها ، فهذا أبو حنيفة ، يُجرح جابرًا الجعفي ، ويكذبه ، ضد قول من انتحل من أصحابه مذهبه ، وزعم أن قول أئمتنا في كتبهم : فلانٌ ضعيفٌ ، غيبةٌ ، ثم لما اضطره الأمر ، جعل يحتج بمن كَذَّبَهُ شيخُه ، في شيءٍ يدفع به سنةً ، من سُنن رسول الله . انتهى كلام ابن حِبَّان.
- الحديث رقم (165) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرنا نافع، عن ابن عُمر؛
(( أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلاَةُ بِاللَّيْلِ ؟ قَالَ : مَثْنَى مَثْنَى ، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ أَنْ يُصْبِحَ فَلْيُصَلِّ رَكْعةً واحدةً ، تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى.)).
قال محمد بن الحسن : صلاةُ الليلِ عندنا مثنى مثنى.
وقال أبو حنيفة : صلاة الليلِ إنْ شئتَ صلَّيتَ ركعتين ، وإن شئتَ صلَّيتَ أربعًا ، وإن شئتَ ستًّا، وإن شئتَ ثمانياً ، وإن شئتَ ما شئتَ بتكبيرة واحدة ، وأفضل ذلك أربعًا أربعًا.
وأما الوتر ، فقولنا وقول أبي حنيفة فيه واحد ، والوتر ثلاث ، لا يُفصل بينهنَّ بتسليم.
النبي ، الذي أرسله الله رحمة للعالمين ، يقول لك : ((مَثْنَى مَثْنَى.)).
وتأتيك حمالة الحطب لتقول لك : إنْ شئتَ ركعتين ، وإن شئتَ أربعًا ، وإن شئتَ ستًّا، وإن شئتَ ثمانيًا ، وكله بمشيأتك أنت ، ولماذا تفكر ؛ يا أخي ، وإن شئتَ بتكبيرة واحدة.
بل هناك أمر آخر عند مذهب الدعارة ، والفجور ، وهو : وأفضل ذلك أربعًا أربعًا.
مادام محمد بن عبد الله قال : ((مَثْنَى مَثْنَى.)) ، فلابد لعبدة العجل ، وأتباع الخنزير ، أن يخالفوا مُحَمَّدًا ، بل ويجعلون كلامهم أفضل من كلامه.
لأن العلاقة بينه ، وبينهم ، هي نفس العلاقة بين لوطٍ ، وقومه ، دعاهم إلى الطهارة ، فأبوا إلا النجاسة.
ويقول النبي : (( فَلْيُصَلِّ رَكْعةً واحدةً ، تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى.)).
ويقول هذا العُتل الزَّنيم : وأما الوتر ، فقولنا وقول أبي حنيفة فيه واحد ، والوتر ثلاث ، لا يُفصل بينهنَّ بتسليم.
- الحديث رقم (187) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرنا نافع ، عن ابن عمر،
(( أَنَّهُ نَادَى بِالصَّلاَةِ ، فِي سَفَرٍ ، فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ ، ثُمَّ قَالَ : أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ ذَاتُ مَطَرٍ ، يَقُولُ : أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ.)).
قال محمد بن الحسن : هذا حسن ، وهذا رخصة ، والصلاة في الجماعة أفضل.
لم يقل لنا ، ونحن لا نريد قوله ، أفضل من ماذا ؟ أفضل مما دعا إليه النبي ؟!
- الحديث رقم (202) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرنا نافع ، عن ابن عمر؛
(( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ إِذَا عَجِلَ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.)).
قال محمد بن الحسن في آخر الباب : لسنا نأخذ بهذا ، لا نجمع بين الصلاتين في وقتٍ واحدٍ ، إلاَّ الظهر والعصر بعرَفَةَ ، والمغرب والعشاء بمُزدلفة ، وهو قول أبي حنيفة.
وهنا ، من حق أبي حنيفة ، ومن لَفَّ لَفَّهُ ، أن لا يأخذوا بهذا ، لأن هذا يأخذ به فقط من قال الله لهم :
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾.
- الحديث رقم (207) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمان بن عبد الله بن عمر ، أن سعيد بن يسار أخبره ،
(( أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ الله عَنْهُمَا ، فِي سَفَرٍ ، فَكُنْتُ أَسِيرُ مَعَهُ ، وَأَتَحَدَّثُ مَعَهُ ، حَتَّى إِذَا خَشِيتُ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ ، تَخَلَّفْتُ ، فَنَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ ، ثُمَّ رَكِبْتُ فَلَحِقْتُهُ ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ : أَيْنَ كُنْتَ ؟ فَقُلْتُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، نَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ ، وَخَشِيتُ أَنْ أُصْبِحَ ، فَقَالَ : أَلَيْسَ لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ؟ فَقُلْتُ : بَلَى وَاللَّهِ ، قَالَ : فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يُوتِرُ عَلَى الْبَعِيرِ.)).
قال محمد بن الحسن : لابأس أن يصلِّي المسافر على دابته تطوعًا إيماءً ، حيث كان وجهه ، يجعل السجود أخفض من الركوع ، فأما الوتر والمكتوبة فإنهما تصلَّيان على الأرض.
- الحديث رقم (272) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، حدثنا زيد بن أسلم ، عن عبد الرحمان بن أبي سعيد الخُدْري، عن أبيه أن رسول الله r قال :
(( إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي ، فَلاَ يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ.)).
قال محمد بن الحسن : يُكره أنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بين يدي المصلي، فإن أراد أن يمرَّ بين يديه فليدارأ ما استطاع ، ولا يقاتله ، فإنْ قاتَلَهُ كان ما يدخل عليه في صلاته من قتاله إياه أشدَّ عليه من ممرِّ هذا بين يديه ، ولا نعلم أحدًا روى قتاله إلاَّ ما رُوي عن أبي سعيد الخدري ، وليست العامَّة عليها ، ولكنها على ما وَصفتُ لك ، وهو قول أبي حنيفة.
هنا ، لا بد من التوقف ، فأنت أمام جريمة قامت على أساس يهوديٍّ ، هو : وقالوا : سمعنا وعصينا.
وأترك للمسلم الصادق أن يقرأ باقي كلام هذا الجربوع ، الذي صَدَق يحيى بن معين إذ رماه بالكذب ، وقال أحمد بن حنبل : ليس بشيء ، افتح أنت أي صفحة من صفحات ((الموطأ)) برواية محمد بن الحسن الشيباني.
والذي يواصل القراءة ، في هذه الرواية للموطأ ، سيعلم علم اليقين ، أن علماء الحديث عندما ذكروا مخالفة أبي حنيفة لدين الله ، وسُنَّة نبيه ، كانوا هم الأمناء.
افتح معي ((صحيح ابن حِبَّان)) (3780 و3781) ،
قال ابن حِبَّان : أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني ، وأحمد بن علي بن المثنى ، قالا : حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : جلستُ إلى أبي حنيفة ، بمكة ، فجاءه رجلٌ ، فقال : إني لبستُ خُفين ، وأنا محرمٌ ، أو قال : لبستُ سراويلَ ، وأنا محرمٌ ، شك إبراهيم ، فقال له أبو حنيفة : عليك دَمٌ.
قال حماد بن زيد : فقلتُ للرجل : وجدتَ نعلين ، أَو وجدتَ إزارًا ؟ فقال : لا ، فقلت : يا أبا حنيفة ، إن هذا يزعم أنه لم يجد ؟ فقال : سواءٌ وجد أو لم يجد.
قال حماد بن زيد : فقلتُ حدثنا عَمرو بن دينار ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس ، قال : سمعتُ رسولَ اللهِ يقول :
((السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الإِزَارَ وَالْخُفَّانِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ.)).
وحدثنا أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله قال :
(( السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الإِزَارَ ، وَالْخُفَّانِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ.)).
قال : فقال بيده ، وأشار إبراهيم بن الحجاج ، كأنه لم يعبأ بالحديث ، فقمتُ من عنده.
أخي المسلم ، ذكرت لك هنا بعضًا من حقيقة هؤلاء ، بالأدلة القاطعة ، مع ذكر كل مصدر ، فاحذرهم ، وعليك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ، فالزمه ، وقد تحدثت معك ولم أُفم حسابًا إلا لله ، لأن إخواننا من أهل الحديث للأسف عندما يتحدثون في هذا الأمر ، ينظر الواحد حوله ألف مرة ، خائفا ، قبل أن ينطق بكلمة ، مع أن أصغر واحد منهم أكبر بكثير من مثلي ، ويعرفون أضعاف ما أعرف.
والسلام عليكم
أبو جهاد
إلى الإخوة الأفاضل / طلبة علم الحديث الشريف
لقد سقط في وسطكم خَبَثٌ ، خَبِيث ، يريد أن يقطع ما وصله الله سبحانه ، من حُبٍّ بينكم وبين الحديث الشريف ؛
وأعداء حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، لا يأتونكم ظاهرين ، لكنهم يستخدمون من الوسائل ، ما يعجز الشيطان عن التفكير فيه.
ومن هذه الوسائل :
1ـ الطعن في المكثرين في رواية الحديث من الصحابة ، كما فعلت الشيعة ، واستن بسنتهم أتباع أبي حنيفة.
2ـ الطعن في كتب الصحاح ، خاصة صحيح البخاري ، رضي الله عنه.
3ـ التشكيك في عدالة علماء الجرح والتعديل ، بأن دافعهم في الحكم كان الهوى ، والعصبية ، والجهل ، والحقد.
وعلى مدار التاريخ لم يهدأ هؤلاء ، وحاولوا ، ورد الله كيدهم ، لأنه حفظ دينه من عبث أصحاب الرأي والهوى ، وكل من اتخذ إلهه هواه.
ومن محمد بن الحسن الشيباني ، حتى الهالك الكوثري ، وتابعه أبي غدة ، استمرت هذه المسيرة ، وإلى اليوم ، حتى أسقطوا من هذا الخبث في هذا الموقع كتابا ، اسمه : الرفع والتكميل ، بل إن الذي قام بتحميله قال :
لقد سمعت من أحد المشايخ يقول : [إنه لا يمكن لطالب علم الجرح والتعديل المبتدئ أن يكمل طلبه في هذا العلم مالم يدرس كتاب الرفع والتكميل في الجرح والتعديل لابو (كذا كتبها ، وصوابها : لأبي ، لأن اللام كما يقولون حرف سَحْبٍ !!) الحسنات اللكنوي].
وهذا مقصود به طمس عقول الشباب الذين يبدؤون خطواتهم الأولى في علم الحديث.
اقرؤوا الكتاب أيها الإخوة ، ولا تحذفوه من الموقع ، فإن أبناء وأحفاد عبد الله بن المبارك ، وسفيان الثوري ، وأحمد بن حنبل ، لم يموتوا ، ما زالوا هنا ، على هذا الرباط ، ومع هذا العهد ، ولن تنحني راية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمام ظلمات الرأي والمذاهب.
يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم ...
والكتاب ، والحنفية عموما ، يزعمون :
1ـ أن كل من طعن في أبي حنيفة ، هم ثلاثة أو أربعة ، من المتأخرين ، وأسانيد ذلك ضعيفة.
2ـ أن الذين طعنوا في أبي حنيفة إنما فعلوا ذلك من باب الحسد ، وعين الحسود !!
3ـ أن أبا حنيفة لم يخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يخرج على الإسلام ، وأن كتاب الرد على أبي حنيفة ، لشيخ البخاري ومسلم ، أبي بكر بن أبي شيبة ، ليس بصحيح ، وفيه افتراءات على أبي حنيفة.
وأقول ، وأنا أقل ، وأصغر ، خادم ، لطلبة علم الحديث الشريف الطاهر ، خذوها من صَعِيديٍّ ، يقف في آخر الصف ، لقلة حيلته ، ولكن حسبه ، أن أمَامَهُ حديثُ محمد صلى الله عليه وسلم ، وليس رأي الخُبث والخبائث :
الأولى ، هذه بعض ، ولا أقول : كل ، الأقوال التي طعن فيها فرسان الحديث الأوائل ، من جميع الطبقات ، في إمام الرأي والهوى ، أخرجوا منها إسنادًا ضعيفا إلى صاحب القول ، ولن تجدوا ، لأن أغلبها من صاحب الكتاب مباشرة :
أولا : من كتاب ((الضعفاء)) للعقيلي 4/280 :
قال سفيان الثوري : قال لنا حماد : أفيكم من يأتى أبا حنيفة ؟ بَلِّغوا عني أبا حنيفة ، أَنِّي بريءٌ منه.
وقال عبد الرحمان بن مهدي : سمعتُ حماد بن زيد يقول : سمعتُ أيوب ، يعني السختياني ، وذُكِرَ أبو حنيفة ، فقال أيوب : ﴿ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.
وقال الحميدي : سمعت سفيان يقول : ما وُلد في الإسلام مولودٌ أضر على الإسلام من أبي حنيفة.
وقال عبد الله بن عون : ما وُلد في الإسلام مولودٌ أشأمَ من أبي حنيفة ، وكيف تأخذون دينكم عن رجل قد خُذل في عظم دينه.
وقال مالك بن أنس : إن أبا حنيفة كادَ الدين ، ومن كادَ الدين فليس له دين.
وقال منصور بن سلمة ، أبو سلمة الخزاعي : سمعتُ حماد بن سلمة ، وسمعتُ شعبة يلعن أبا حنيفة.
وقال محمد بن بشار العبدي ، بُنْدار : ما كان عبد الرحمان بن مهدي يذكر أبا حنيفة إلا قال : بينه وبين الحق حجابٌ.
وقال أحمد بن الحسن الترمذي : سمعتُ أحمد بن حنبل يقول : أبو حنيفة يكذب.
ثانيا : ومن كتاب ((العلل ومعرفة الرجال)) ، لعبد الله بن أحمد بن حنبل (3586 إلى : 4734) :
قال أحمد بن حنبل : حدثنا عبد الله بن إدريس ، قال : قلتُ لمالك بن أنس : كان عندنا علقمة ، والأسود ، فقال : قد كان عندكم من قَلَبَ الأمر هكذا ، يعني أبا حنيفة. ((العلل ومعرفة الرجال)) 1118 و2658.
ـ قال سفيان الثوري : استُتِيبَ أبو حنيفة مرتين.
ـ وقال سفيان الثوري : حدثني عباد بن كثير ، قال : قال لي عمرو بن عبيد : سل أبا حنيفة ، عن رجل قال : أنا أعلم أن الكعبة حق ، وأنها بيت الله ، ولكن لا أدري هي التي بمكة أو التي بخراسان ، أمؤمن هو ؟! قال : مؤمن.
قال لي : سله عن رجل قال : أنا أعلم أن مُحَمَّدًا حق ، وأنه رسول الله ، ولكن لا أدري هو الذي كان بالمدينة ، أو محمد آخر ، أمؤمن هو ؟ قال مؤمن.
ثالثا : ومن ((التاريخ الكبير)) للبخاري :
ـ قال البخاري : نعمان بن ثابت ، أبو حنيفة الكوفي ، مولًى لبني تيم الله بن ثعلبة ، كان مرجئًا ، سكتوا عنه ، وعن رأيه ، وعن حديثه. ((التاريخ الكبير)) 8/81.
ـ وقال البخاري : يعقوب بن إبراهيم ، أبو يوسف القاضي ، سمع الشيباني ، وصاحبه أبو حنيفة تركوه. ((التاريخ الكبير)) 8/397.
رابعًا : ومن كتاب ((المعرفة والتاريخ)) ليعقوب بن سفيان 2/783 ، وما بعدها :
ـ قال عمار بن رزيق : إذا سُئلت عن شيءٍ ، فلم يكن عندك شيءٌ ، فانظر ما قال أبو حنيفة ، فخالفه ، فإنك تصيب.
وقال إبراهيم بن محمد الفزاري : كنا عند سفيان الثوري ، إذ جاءه نعيُ أبي حنيفة ، فقال : الحمد لله الذي أراح المسلمين منه ، لقد كان ينقض عرى الإسلام عروةً عروةً ، ما وُلد في الإسلام مولودٌ أشأم على الإسلام منه.
وقال سليمان بن حرب : حدثنا حماد بن زيد ، قال : قال ابن عون : نُبئت أن فيكم صدادين ، يصدون عن سبيل الله . قال سليمان بن حرب : وأبو حنيفة ، وأصحابه ، ممن يصدون عن سبيل الله.
وقال سلام بن أبي مطيع : كنتُ مع أيوبَ في المسجد الحرام ، قال : فرآه أبو حنيفة ، فأقبل نحوه ، قال : فلما رآه أقبل نحوه ، قال لأصحابه : قوموا ، لا يُعدنا بالجَرَبَة ، قوموا ، لا يُعْدِنا بالجَرَبَة.
خامسًا : ومن كتاب ((الجرح والتعديل)) ، لابن أبي حاتم 8/449 :
عن أبى عبد الرحمان المقرىء ، قال : كان أبو حنيفة يُحدثنا ، فإذا فرغ من الحديث ، قال : هذا الذي سمعتم كله ريحٌ وباطلٌ.
وقال الحسين بن الحسن المروزي : ذُكِرَ أبو حنيفة عند أحمد بن حنبل ، فقال : رأيُهُ مذمومٌ ، وبَدَنُهُ لا يُذكر.
سادسا : ومن كتاب ((المجروحين)) ، لابن حِبَّان : 3/60 :73.
قال عبد الرحمان بن مهدي ، وذَكَر أبا حنيفة ، فقرأ : ﴿ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ﴾.
سابعا : ومن كتاب ((تاريخ بغداد)) 13/416 ، وما بعدها :
قال إسماعيل بن بشر : سمعتُ عبد الرحمان بن مهدي يقول : ما أعلم في الإسلام فتنةً ، بعد فتنة الدجال ، أعظمَ من رأي أبي حنيفة.
وقال الأوزاعي ، لما مات أبو حنيفة : الحمد لله ، إن كان لينقض الإسلام عروةً عروةً.
وقال مطرف : سمعت مالكًا يقول : الداء العضال الهلاك في الدين ، وأبو حنيفة من الداء العضال.
وقال مزاحم بن زفر : قلتُ لأبي حنيفة : يا أبا حنيفة ، هذا الذي تُفتي ، والذي وضعت في كتبك ، هو الحق الذي لا شك فيه ؟ قال : فقال : والله ما أدري ، لعله الباطل الذي لا شك فيه.
وقال عبد الله بن المبارك : من نظر في كتاب الحِيَل لأبي حنيفة ، أَحل ما حَرَّمَ الله ، وَحَرَّمَ ما أحل الله.
وقال عبد الله بن المبارك : من كان عنده كتاب حِيَل أبي حنيفة ، يستعمله ، أو يُفتي به ، فقد بطل حَجُّه ، وبانت منه امرأته ، فقال مولى ابن المبارك : يا أبا عبد الرحمان ، ما أدري وضع كتاب الحيل إلا شيطان ، فقال ابن المبارك : الذي وضع كتاب الحيل أشر من الشيطان.
وقال أحمد بن سعيد الدارمي : سمعتُ النضر بن شُميل يقول : في كتاب الحِيَل كذا كذا مسألة ، كلها كُفر.
وقال ابن المبارك : كنتَ إذا أتيتَ مجلسَ سفيان ، فشئتَ أن تسمع كتابَ الله ، سمعته ، وإن شئتَ أن تسمع آثارَ رسول اللهِ r ، سمعتَها ، وإن شئتَ أن تسمع كلامًا في الزهد ، سمعتَه ، وأما مجلسٌ ، لا أذكر أني سمعتُ فيه قط ، صُلِّىَ على رسول اللهِ r ، فمجلسُ أبي حنيفة.
وقال عبد الله بن عبد الرحمان الدارمي : سُئل قيس بن الربيع ، عن أبي حنيفة ، فقال : مِنْ أجهل الناس بما كان ، وأعلمه بما لم يكن.
وقال ابن أبي حاتم : حدثني الربيع بن سليمان المرادي ، قال : سمعتُ الشافعي يقول : أبو حنيفة يضع أول المسألة خطأ ، ثم يقيس الكتاب كله عليها.
وقال محمد بن حماد المقرئ : سألتُ يحيى بن مَعِين عن أبي حنيفة ، فقال : وإيش كان عند أبي حنيفة من الحديث حتى تسأل عنه ؟!.
وقال مسلم بن الحجاج ، صاحب الصحيح : أبو حنيفة ، النعمان بن ثابت ، صاحب الرأي ، مضطرب الحديث ، ليس له كبير حديثٍ صحيحٍ.
وقال النسائي : أبو حنيفة ، النعمان بن ثابت ، كوفيٌّ ، ليس بالقوي في الحديث.
وقال مُسَدَّد : سمعتُ أبا عاصم يقول : ذكر عند سفيان موتُ أبي حنيفة ، فما سمعته يقول رحمه الله ، ولا شيئًا ، قال : الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاه به.
انتهى نقلا من تاريخ بغداد ، للخطيب ، وذلك باختصار شديد ، ولو رجع الباحث لوجد أضعاف مانقلنا ، وأشد منه.
هذه كانت الأولى ، والثانية ،
الحسد ، والحقد ، وهذه هي التي أضحكت الثكلى.
أيها الإخوة ؛ من يحسد من ؟ ومن يحقد على من ؟
قال ابن حبان : النعمان بن ثابت ، أبو حنيفة ، الكوفي ، صاحب الرأي.
يروي عن عطاء ونافع ، كان مولده سنة ثمانين ، وكان أبوه مملوكا لرجل من بني ربيعة من تيم الله من نجد ، يقال لهم : بنو قفل ، فأعتق أبوه ، وكان خبازا لعبد الله بن قفل ، ومات أبو حنيفة سنة خمسين ومئة ببغداد ، وقبره في مقبرة الخيزران ، وكان رجلا جدلا ، ظاهر الورع ، لم يكن الحديث صناعته ، حدث بمئة وثلاثين حديثا مسانيد ، ما له حديث في الدنيا غيره ، أخطأ منها في مئة وعشرين حديثا ، إما أن يكون قلب إسناده ، أو غير متنه ، من حيث لا يعلم ، فلما غلب خطؤه على صوابه استحق ترك الاحتجاج به في الأخبار ، ومن جهة أخرى لا يجوز الاحتجاج به ، لأنه كان داعيا إلى الإرجاء ، والداعية إلى البدع لا يجوز أن يُحتج به عند أئمتنا قاطبة ، لا أعلم بينهم فيه خلافًا ، على أن أئمة المسلمين ، وأهل الورع في الدين ، في جميع الأمصار ، وسائر الأقطار ، جَرَّحُوه ، وأطلقوا عليه القدح ، إلا الواحد بعد الواحد. ((المجروحون)) 3/61.
أيها الإخوة ، بداية : حدث أبو حنيفة بمئة وثلاثين حديثا مسانيد ، ما له حديث في الدنيا غيره ، أخطأ منها في مئة وعشرين حديثا.
وهذا راسبٌ ، مع مرتبة الشرف.
أحمد بن حنبل الذي كان يحفظ ألف ألف حديث ، والبخاري ، والذي كان يحفظ ستمئة ألف حديث ، وباقي الأشراف الأطهار ، يحسدون رجلا لم يُصب في حياته إلا في عشرة أحاديث ، وأخطأ في مئة وعشرين ، ويحقدون عليه ، فمتى حُسد الأعمى على ضياع عصاه ؟!
وعندما كنت أعيش في العراق ، لإتمام المسند الجامع ، بعد أن مات أخي ، وصديق عمري ، السيد أبو المعاطي النوري ، يرحمه الله ، اتصل بي الدكتور بشار عواد معروف ، وأخبرني أن عبد الفتاح أبا غدة يريد زيارتي ، وطلب مني الدكتور بشار عدم الخوض في سيرة أبي حنيفة ، لعدم الإحراج ، وجاء عبد الفتاح ، وأخذت أبحث طوال جلستنا عن مدخل لذكر الحقيقة ، حتى ذُكر اسم الإمام البخاري ، فقلت : عليه رضوان الله ، كان يصل إلى القمة ، ونهاية الأمر من أقصر الطرق ، فقد طعنت الأمة كلها في أبي حنيفة ، وكتبوا صفحات وصفحات ، وجمع البخاري ذلك كله في جملة واحدة ، قال : نعمان بن ثابت ، أبو حنيفة الكوفي ، مولًى لبني تيم الله بن ثعلبة ، كان مرجئًا ، سكتوا عنه ، وعن رأيه ، وعن حديثه. ((التاريخ الكبير)) 8/81.
ولم يتكلم (فرخُ) الكوثري بكلمة ، والدكتور بشار حي يرزق ، واسألوه.
لماذا أقول ذلك ؟ أقولها ، لأن الروافض والحنفية ، يستغلون جهل الناس ، وأن الناس لن يقرؤوا ، ولن يراجع أحد.
فالرافضي يأتيك بحديث من مستنقع الكذب ، ثم ينسبه للنبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يقول : رواه البخاري ، كما فعل كثير من النصارى على مواقعهم في هذه الشبكة.
والحنفية على المذهب عيَنْه ، وعلى هذه المِلة ، فإذا عرف أنك دارسٌ ، وباحثٌ ، دخلوا جحورهم ، وأغلقوها ، وإذا تحدثوا إلى ناس يحسبونهم (مغفلين) فإنه يقول لك : ومن الذي تكلم في أبي حنيفة ؟ واحدٌ جاهل من المتأخرين !!.
والثالثة ؛ ردهم ، وكراهيتهم ، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ونفتح أولاً ((مصنف ابن أبي شيبة)) ، المجلد الرابع عشر ، كتاب الرد على أبي حنيفة.
والحمد لله ، أن الذي روى ذلك ، وذكره ، هو واحدٌ من أكبر علماء الحديث في هذه الأُمة ، وهو شيخ أحمد بن حنبل ، في المسند ، وشيخُ البخاريِّ ، ومسلم ، في الصحيحين ، إنه عبد الله بن محمد ، أبو بكر بن أبي شيبة ، صاحب ((المُصَنَّف)).
وكما فعلنا من قبل ، سنأخذ بعض النقول ، تاركين للباحث أن يستكمل القراءة ، من المصدر الذي نقلنا منه.
يقول أبو بكر بن أبي شيبة :
هذا ما خالف به أبو حنيفة الأثرَ الذي جاء عن رسول الله :
- حدثنا ابن نمير ، حدثنا عُبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عُمر ؛
(( أَنَّ النَّبِيَّ رَجَمَ يَهُودِيْيَنِ ، أَنَا فِيمَنْ رَجَمَهُمَا.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : ليس عليهما رجم.
- حدثنا ابن نُمير ، وأبو أسامة ، عن عُبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ،
(( عَنِ النَّبِيِّ ؛ أَنَّهُ قَسَمَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : سهمٌ للفرس ، وسهمٌ لصاحبه.
- حدثنا ابن عُيينة ، عن عَمرو ، سمع جابرًا يقول :
(( دَبَّرَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ غُلاَماً لَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ ، فَبَاعَهُ النَّبِيُّ ، فَاشْتَرَاهُ ابْنُ النَّحَّامِ ، عَبْداً قِبْطِيًّا ، مَاتَ عَامَ الأَوَّلِ فِى إِمَارَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يُباع.
قال محمد بن الحسن الشيباني : أما نحن فلا نرى أن يُبَاع المدبَّر. ((الموطأ)) بروايته (841).
- حدثنا ابن عيينة ، عن الزُّهْرِيّ ، عن عروة ، عن المسور بن مخرمة ، ومروان ؛
(( أَنَّ النَّبِيُّ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ ، خَرَجَ فِى بِضْعَ عَشْرَةَ مِئَةً مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ، قَلَّدَ الْهَدْيَ ، وَأَشْعَرَ ، وَأَحْرَمَ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : الإشعار مثلة.
- حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، سمع جابرًا يقول : سمعتُ ابن عباس يقول : سمعت النبي يقول :
إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُحْرِمُ إِزَارًا ، فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ ، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ .)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يفعل ، فإن فعل فعليه دم.
- حدثنا ابن عُيينة ، عن الزُّهْرِيّ ، عن سالم ، عن أبيه ،
(( أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ ، جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يُجزئه أن يفعل ذلك.
- حدثنا ابن عيينة ، عن الزُّهْرِيّ ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس ؛
(( أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى النَّبِيَّ فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ ، وَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ ، فَقَالَ : اقْضِهِ عَنْهَا.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يجزئ ذلك.
- حدثنا ابن عيينة ، عن الزُّهْرِيّ ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول :
سَقَطَ النَّبِيُّ عَنْ فَرَسٍ ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ ، فَصَلَّى بِنَا قَاعِداً ، وَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قِيَامًا ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ ، قَالَ : إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا ، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا ، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا ، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ . فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، وَإِنْ صَلَّى قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُوداً أَجْمَعُونَ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يؤم الإمام وهو جالس.
- حدثنا ابن عيينة ، عن الزُّهْرِيّ ، عن عيسى بن طلحة ، عن عبد الله بن عمرو قال :
(( أَتَى النَّبِيَّ رَجُلٌ ، فَقَالَ : حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ . قَالَ : فَاذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ ، قَالَ : ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ . قَالَ : ارْمِ وَلاَ حَرَجَ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : عليه دم.
- حدثنا وكيع ، وأبو خالد الأحمر ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة ابنة المنذر ، عن أسماء ابنة أبي بكر ، قالت :
(( نَحَرْنَا فَرَساً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ ، أَوْ أَصَبْنَا مِنْ لَحْمِهِ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا تؤكل.
- حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود ؛
(( أَنَّ النَّبِيَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ الْكَلاَمِ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : إذا تكلم فلا يسجدهما.
- حدثنا هشيم ، عن عبد العزيز ، عن أنس بن مالك ،
(( أَنَّ النَّبِيَّ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَتَزَوَّجَهَا . قَالَ : فَقِيلَ لَهُ : مَا أَصْدَقَهَا ؟ قَالَ : أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا ، جَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يجوز إلا بمهر.
- حدثنا ابن عُيينة عن الزُّهْرِيّ ، عن حميد بن عبد الرحمان ، عن أبي هريرة ، قال :
(( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَ : هَلَكْتُ . قَالَ : وَمَا أَهْلَكَكَ ؟ قَالَ : وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ . قَالَ : أَعْتِقْ رَقَبَةً ، قَالَ : لاَ أَجِدُ ، قَالَ : صُمْ شَهْرَيْنِ ، قَالَ : لاَ أَسْتَطِيعُ ، قَالَ : أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا ، قَالَ : لاَ أَجِدُ ، قَالَ : اجْلِسْ ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ ، إِذْ أُتِيَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ : اذْهَبْ فَتَصَدَّقْ بِهِ ، قَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، مَا بَيْنَ لاَبَتَيِ الْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنَّا ، فَضَحِكَ ، حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ، ثُمَّ قَالَ : انْطَلِقْ فَأَطْعِمْهُ عِيَالَكَ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يجوز أن يطعمه عياله.
- حدثنا ابن عُلية ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي ، قال :
(( طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ ، إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ ، أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، أُولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : يجزئه أن يغسل مرة.
حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال :
(( خَرَّ رَجُلٌ عَنْ بَعِيرِهِ ، فَوُقِصَ ، فَمَاتَ ، وَهُوَ مُحْرِمٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ : اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : يغطى رأسه.
- حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزُّهْرِيّ ، عن سالم ، عن أبيه ، قال : قال النبي :
(( مَنِ اقْتَنَى كَلْباً ، إِلاَّ كَلْبَ صَيْدٍ ، أَوْ مَاشِيَةٍ ، نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ.)).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا بأس باتخاذه.
ونترك من أراد أن يُكمل فصولَ هذه الجريمة ، ليقرأ ما تبقى من كتاب ((الرد على أبي حنيفة)) ، في ((مصنف ابن أبي شيبة)). فقد ذكر أبو بكر بن أبي شيبة نحو أربع مئة حديث ، عن النبي ، ردها أبو حنيفة جميعًا ، على الصورة التي ذكرناها ، فارجع إليها ، لتعرف أن فتنة اتباع الرأي والهوى ، أسوأ مما خطر على بال إبليس.
- وروى الترمذي حديث عبد الله بن زيد بن عاصم ، قَالَ :
(( خَرَجَ النَّبِيُّ إِلَى الْمُصَلَّى ، فَاسْتَسْقَى ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.)).
قال الترمذي : قال النعمان أبو حنيفة : لا تُصلَّي صلاة الاستسقاء ، ولا آمرهم بتحويل الرداء ، ولكن يدعون ، ويرجعون بجملتهم.
قال أبو عيسى الترمذي : خالف السنة.
والله ، إنك لرجلٌ طيبٌ ياترمذي ، كل هذا ، وخالف السنة ، يا أخي ؛
﴿ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا ﴾.
وننقل من تاريخ بغداد 13/403 ، وما بعدها :
قال بشر بن مفضل : قلتُ لأبي حنيفة : نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي r قال :
(( الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا.)).
قال : هذا رَجَزٌ.
قلتُ : قتادة ، عن أنس ؛
(( أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَخَ رَأْسَ امْرَأَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ ، فَقَتَلَهَا ، فَرَضَخَ النَّبِيُّ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ.)).
قال : هَذَيَانٌ.
وقال سفيان بن عيينة : ما رأيتُ أجرأَ على الله من أبي حنيفة ، كان يضرب الأمثال لحديث رسولِ الله r ، فيرده ، بَلَغَهُ أني أروي ؛ أن (( الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا.)).
فجعل يقول : أرأيت إن كانا في سفينة ؟ أرأيت إن كانا في السجن ؟ أرأيت إن كانا في سفر ، كيف يفترقان ؟.
وقال وكيع : سأل ابنُ المبارك أبا حنيفة ، عن رفع اليدين في الركوع ، فقال أبو حنيفة : يريد أن يطير فيرفع يديه ؟ قال وكيع : وكان ابن المبارك رجلاً عاقلاً ، فقال ابن المبارك : إن كان طار في الأُولى ، فإنه يطير في الثانية ، فسكت أبو حنيفة ، ولم يقل شيئًا.
وبعد هذا كله ، نسمع من يقول : لعل هذا كله لم يقله أبو حنيفة ، وأن هؤلاء كذبوا عليه.
نقول لهم : لا بأس ، سنأخذكم الآن إلى التلميذ الثاني لأبي حنيفة ، وهو محمد بن الحسن الشيباني ، وهو من أقرب الناس إليه ، وأتباعُ أبي حنيفة ، على مدار التاريخ ، يعتبرون أن أساسَ المذهب يقومُ على أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد بن الحسن الشيباني ، نعم : الأب ، والابن ، والروح القدس ، وقد روى الشيباني ((الموطأ)) عن مالك ، ولم يكتف بحديث النبي ، بل وضع كلامَ النبي في كِفَّةٍ ، وكلامَ أبي حنيفة في كفة ، وجعلها الراجحةَ على كفة النبي ، ونعوذ برب الفلق ، وهنا لن يتمكن أتباعُ أبي حنيفة أن يقولوا : إن محمد بن الحسن أيضًا قد كذب على شيخه ، وشيطانه.
فلنقرأ شيئا من الشرك بالله ، مضطرين ، تاركين من أراد الحقيقة أن يواصل البحث ، وسنقرأ من الموطأ ، برواية محمد بن الحسن الشيباني :
- الحديث رقم (5) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرنا عَمرو بنُ يَحْيى بنِ عُمَارة بنِ أبي حَسَنٍ المازِنيُّ ، عن أبيه يحيى أنَّه سَمِعَ جدَّهُ أبا حَسَن يَسألُ عبدَ اللَّهِ بنَ زَيْد بن عَاصِمٍ وكان من أصحابِ رسولِ اللَّه r قال: هل تستطيعُ أن تُرِيَني كيف كان رسول اللَّه r يَتَوَضَّأُ قال عبدُ اللَّه بنُ زَيْدٍ: نَعْمَ ،
(( فدعا بِوَضُوْءٍ فَأَفْرَغَ على يَدَيْهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْن ، ثُمَّ مَضْمَضَ ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثَاً، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ إلَى المِرْفَقَيْن مَرَّتَيْن ، ثُمَّ مَسَحَ مِنْ مُقَدَّمِ رأسِهِ حتى ذَهَبَ بهما إلى قَفَاه ، ثُمَّ رَدّهُما إلى المكانِ الَّذِي منه بَدَأَ، ثمّ غَسَلَ رِجْلَيْه.)).
قال محمد بن الحسن : هَذَا حَسَنٌ ، والوُضوءُ ثَلاثاً ثلاثاً أفْضَلُ ، والاثنان يُجْزِيان ، والواحدةُ إذا أَسْبَغَتْ تُجزئ أيضاً ، وهو قول أبي حنيفة.
وأقول : ياليت أُمك لم تلدك ، مَنْ أنت ؟ ومن إمامك ؟ وما الدنيا ومَنْ عليها ؟ حتى يقول قائل وراء فعلٍ لمُحَمَّدٍ النبيِّ الأُمِّي : هذا حسن ، والأفضل كذا ، ويُجزئ كذا.
تقول : هذا حسن ؟! قَبَّحَك الله ، وقَبَّح إمامك.
أنت الذي تُقَيِّمُ كلامَ محمد ، والذي قيمه الله تعالى من فوق سبع سماوات ، في أعظم كتاب نزل من السماء إلى الأرض ، بقوله :
﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ﴾. [النجم 1:5].
والمسلم ، وليس المشرك ، عندما يقرأ كلام النبي ، أو يقرأ عن فعله ، لا يقول : هذا حسن ، ولا هذا جيد ، بل هي سنة واحدة :
﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ . [النور: 51].
- الحديث رقم (9) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرنا أبو الزِّناد، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أنَّ رسول الله r قال :
((إذا استيقظ أَحَدُكُم من نومِهِ فَلْيَغْسِل يَدَه قبل أن يُدْخِلَها في وَضُوئِهِ ، فإنَّ أَحَدَكم لا يَدري أين باتت يَدُه.)).
قال محمد: هذا حَسَن ، وهكذا ينبغي أن يُفعَلَ ، وليس من الأمر الواجب ، الذي إنْ تركه تاركٌ أَثِم ، وهو قول أبي حنيفة.
هل قرأت فعل الأمر في كلام النبي : ((فَلْيَغْسِل)) ، الذي ياتي بعده نَكِرَةٌ ، ليجعل الأمرَ ليس بواجبٍ ، تبعًا لشيطانه !!.
- الحديث رقم (40) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، حدثنا الزُّهْرِيّ ، عن عُبيد الله بن عبد الله ، عن أمِّ قيس بنتِ مِحْصَن ؛
(( أَنَّهَا جَاءَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ ، لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَوَضَعَهُ النَّبِيُّ r فِي حِجْرِهِ ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ ، فَدَعَا بِمَاءٍ ، فَنَضَحَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ.)).
قال محمد بن الحسن : قد جاءت رخصةٌ في بول الغلام ، إذا كان لم يأكل الطعام ، وأمر بغَسْلِ بول الجارية ، وغَسْلُهما جميعاً أحبُّ إلينا ، وهو قول أبي حنيفة .
رأيتَ في الحديث أن النبي لم يغسله.
ورأيت في وكر الشياطين أن الغسل أحب إليهم.
- الحديث رقم (55) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرنا عبدُ الله بنُ دينار ، عن ابن عُمَرَ ؛
(( أَنَّ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، ذكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ r أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ ، قَالَ : تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ، وَنَمْ.)).
قال محمد بن الحسن : وإن لم يتوضَّأ ، ولم يغسِل ذكره ، حتى ينام ، فلا بأس بذلك أيضاً.
هل سمعتَ ؟ هل رأيتَ مافرخ الشيطان ؟!.
محمد بن عبد الله يقول : ((... تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ، وَنَمْ.)).
وفَرْخ الشيطان ، محمد بن الحسن الشيباني يقول : وإن لم يتوضَّأ ، ولم يغسِل ذكره ، حتى ينام ، فلا بأس.
- الحديث رقم (58) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، حدثنا صفوان بن سُلَيم ، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري: أنَّ رسول الله r قال:
((غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ.)).
قال محمد بن الحسن : الغُسْلُ أفضلُ يومَ الجمعة ، وليس بواجبٍ .
هل مازلت تقرأ معي ؟ وهل مازال عندك صبرٌ لأن تخوض في هذا الوحل ؟!.
النبي يقول : واجبٌ.
وهذا الأبتر ، تلميذ الشيطان ، بل إنهم أساتذة الشياطين ، يقول : ليس بواجب.
إن بني إسرائيل لم يفعلوا كل ذلك.
- الحديث رقم (99) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، حدثنا الزهري ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، أن عبد الله بن عمر قال :
(( كَانَ رَسُولُ الله إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ ، رَفعَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ رَفعَ يَدَيْهِ ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفعَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ ، ثُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ.)).
أخرجه أحمد ، والدارمي ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، وابن ماجة ، والترمذي ، والنسائي ، وأبو يعلى ، وابن خزيمة ، وابن حِبَّان.
قال محمد بن الحسن : السنَّة أن يكبِّر الرجل في صلاته كلما خفض ، وكلما رفع ، وإذا انحطّ للسجود كبَّر، وإذا انحطّ للسجود الثاني كبَّر ، فأما رفع اليدين في الصلاة ، فإنه يرفع اليدين حذو الأذنين في ابتداء الصلاة مرَّةً واحدة ، ثم لا يرفع في شيْء من الصلاة بعد ذلك، وهذا كله قول أبي حنيفة. انتهى هذا القيء.
وقول أبي حنيفة عند هؤلاء مقدم على قول ، وفعل ، رسولِ الله .
هل يمكنك أن تُقنع أحدًا على مذهب أبي حنيفة برفع يديه في هذه المواطن ، التي رفع فيها النبي يديه ؟!.
قد يحدث ، ويستجيب لك ، ولكن إذا قَبِلَ ابن نوحٍ أن يركب الفلك مع أبيه !!.
- الحديث رقم (136) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرني الزُّهْرِيّ ، عن سعيد بن المسيّب ، وأبي سلمة بن عبد الرحمان ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله r قال:
إذا أمَّن الإمام فَأمَنِّنوا ، فإنه من وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفر له ما تقدَّم من ذنبه، قال : فقال ابن شهاب : كان النبي r يقول: آمين.
قال محمد بن الحسن : وبهذا نأخذ ، ينبغي إذا فرغ الإمام من أُم الكتاب أن يؤمّن الإمام ، ويؤمّن مَنْ خلفه ، ولا يجهرون بذلك ، فأما أبو حنيفة ، فقال : يؤمّن مَنْ خلف الإمام ، ولا يؤمن الإمام.
- الحديث رقم (158) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، حدثنا الزُّهْرِيّ ، عن أنس بن مالك ؛
(( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَكِبَ فَرَسًا ، فَصُرِعَ عَنْهُ ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ ، فَصَلَّى صَلاَةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهْوَ جَالِسٌ ، فَصَلَّيْنَا جُلُوسًا ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ « إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ ، إِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا ، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا ، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِنْ صَلَّى قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ.)).
قال محمد بن الحسن : ما روي من قوله : إذا صلى الإمامُ جالسًا ، فصلوا جلوسًا أجمعين ، فقد روي ذلك ، وقد جاء ما قد نسخه.
إلى هنا والضلال لم يتغير ، ولكي نقف على مدى هذا الشرك ، نقرأ ما ذكره محمد بن الحسن ، عقب هذا الكلام ، مبينا سبب النسخ :
قال محمد بن الحسن : حدثنا بشر ، حدثنا أحمد ، أخبرنا إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي ، عن جابر بن يزيد الجُعْفي ، عن عامر الشَّعبي ، قال : قال رسول الله r :
(( لا يؤُمَّنَّ الناسَ أحدٌ بعدي جالسًا.)).
فأخذ الناسُ بهذا.
هذا هو دين أبي حنيفة ، وأتباعه ، بل دين كل الذين اتخذوا من دون الله أندادًا.
الحديث الأصل ، إسناده : مالك ، حدثنا الزُّهْرِيّ ، عن أنس بن مالك ، عن النبي .
إسناد صحيح ، ثابت ، متصلٌ ، بين مالك ، وبين النبي فيه رجلان.
يأتي هذا المشرك الجاهل ، لينسخه بما يلي :
1- برواية عامر الشعبي ، عن النبي ، والشعبي من وسط التابعين ، لم يدرك أبابكر ، ولا عمر ، ولا عثمان ، ولا علي ، فكيف يروي عن النبي ؟!.
2- رواه عن الشعبي : جابر بن يزيد الجُعفي ، كذاب يضع الحديث ، ولأن الأمر صار كله عجبًا ، فقد قال أبو حنيفة بنفسه : ما لقيت فيمن لقيت أكذب من جابرٍ الجُعفي ، ما أتيتُه بشيء من رأيي ، إلا جاءني فيه بأثر. راجع ((تهذيب الكمال)) (879).
هذا مارَدَّ به أصحابُ الأهواء سُنَّةَ مُحَمَّدٍ .
ونقرأ الآن في ناحية أخرى ، ناحية الإسلام ، والتقوى ، ناحيةِ الذين آمنوا به ، وعَزَّرُوهُ ونصروه ، واتَّبَعُوا النورَ الذي أُنْزل معه.
ماذا يحدث لو أن واحدًا من أهل الحديث قرأ هذا الحديث ، ماذا يقول وراءه ؟.
افتح معي ((صحيح ابن حِبَّان)) ، وهذا الحديث في ورد فيه برقم (2108) ، وقال ابن حِبَّان ، بعده :
في هذا الخبر بيانٌ واضحٌ ، أن صلاةَ المأمومين قعودًا ، إذا صلى إمامُهم قاعدًا ، من طاعة الله جَلَّ وعلا ، التي أمر عبادَهُ ، وأول من أبطل في هذه الأُمة صلاةَ المأموم قاعدًا ، إذا صلى إِمامُهُ جالسًا : المغيرة بن مِقسم ، صاحب النخعي ، وأخذ عنه حمادُ بن أبي سليمان ، ثم أخذ عن حمادٍ أبو حنيفة ، وتبعه عليه من بعده من أصحابه ، وأعلى شيءٍ احتجوا به فيه ، شيءٌ رواه جابرٌ الجُعْفي ، عن الشعبي ، قال : قال رسول الله :
(( لا يؤُمَّنَّ أحدٌ بعدي جالسًا.)).
وهذا لو صح إسناده ، لكان مرسلاً ، والمرسل من الخبر ، وما لم يُرْو ، سيان في الحكم عندنا ، لأنا لو قبلنا إرسالَ تابعيٍّ ، وإن كان ثقةً ، فاضلاً ، على حسن الظن ، لَزَمَنَا قبولَ مثله عن أتباع التابعين ، ومتى قبلنا ذلك ، لَزَمَنَا قبولَ مثله عن تَبَعِ الأَتْبَاع ، ومتى قبلنا ذلك ، لَزَمَنَا قبول مثل ذلك عن تُبَّاعِ التَّبَعِ ، ومتى قبلنا ذلك ، لَزَمَنَا أن نقبل من كل إنسانٍ إذا قال : قال رسولُ الله ، وفي هذا نقضٌ الشريعة.
والعجب ممن يحتج بمثل هذا المرسل ، وقد قدح في روايته زعيمُهم ،
فيما أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان ، بالرقة ، قال : حدثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعتُ أبا يحيى الحِماني ، قال : سمعتُ أبا حنيفة يقول : ما رأيتُ ، فِيمن لقيتُ ، أفضل من عطاء ، ولا لقيتُ ، فيمن لقيتُ ، أكذبَ من جابرٍ الجُعْفي ، ما أتيتُه بشيءٍ قطُّ من رأيٍ ، إلا جاءني فيه بحديث ، وزعم أن عنده كذا وكذا ألف حديث ، عن رسول الله ، لم ينطق بها ، فهذا أبو حنيفة ، يُجرح جابرًا الجعفي ، ويكذبه ، ضد قول من انتحل من أصحابه مذهبه ، وزعم أن قول أئمتنا في كتبهم : فلانٌ ضعيفٌ ، غيبةٌ ، ثم لما اضطره الأمر ، جعل يحتج بمن كَذَّبَهُ شيخُه ، في شيءٍ يدفع به سنةً ، من سُنن رسول الله . انتهى كلام ابن حِبَّان.
- الحديث رقم (165) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرنا نافع، عن ابن عُمر؛
(( أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلاَةُ بِاللَّيْلِ ؟ قَالَ : مَثْنَى مَثْنَى ، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ أَنْ يُصْبِحَ فَلْيُصَلِّ رَكْعةً واحدةً ، تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى.)).
قال محمد بن الحسن : صلاةُ الليلِ عندنا مثنى مثنى.
وقال أبو حنيفة : صلاة الليلِ إنْ شئتَ صلَّيتَ ركعتين ، وإن شئتَ صلَّيتَ أربعًا ، وإن شئتَ ستًّا، وإن شئتَ ثمانياً ، وإن شئتَ ما شئتَ بتكبيرة واحدة ، وأفضل ذلك أربعًا أربعًا.
وأما الوتر ، فقولنا وقول أبي حنيفة فيه واحد ، والوتر ثلاث ، لا يُفصل بينهنَّ بتسليم.
النبي ، الذي أرسله الله رحمة للعالمين ، يقول لك : ((مَثْنَى مَثْنَى.)).
وتأتيك حمالة الحطب لتقول لك : إنْ شئتَ ركعتين ، وإن شئتَ أربعًا ، وإن شئتَ ستًّا، وإن شئتَ ثمانيًا ، وكله بمشيأتك أنت ، ولماذا تفكر ؛ يا أخي ، وإن شئتَ بتكبيرة واحدة.
بل هناك أمر آخر عند مذهب الدعارة ، والفجور ، وهو : وأفضل ذلك أربعًا أربعًا.
مادام محمد بن عبد الله قال : ((مَثْنَى مَثْنَى.)) ، فلابد لعبدة العجل ، وأتباع الخنزير ، أن يخالفوا مُحَمَّدًا ، بل ويجعلون كلامهم أفضل من كلامه.
لأن العلاقة بينه ، وبينهم ، هي نفس العلاقة بين لوطٍ ، وقومه ، دعاهم إلى الطهارة ، فأبوا إلا النجاسة.
ويقول النبي : (( فَلْيُصَلِّ رَكْعةً واحدةً ، تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى.)).
ويقول هذا العُتل الزَّنيم : وأما الوتر ، فقولنا وقول أبي حنيفة فيه واحد ، والوتر ثلاث ، لا يُفصل بينهنَّ بتسليم.
- الحديث رقم (187) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرنا نافع ، عن ابن عمر،
(( أَنَّهُ نَادَى بِالصَّلاَةِ ، فِي سَفَرٍ ، فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ ، ثُمَّ قَالَ : أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ ذَاتُ مَطَرٍ ، يَقُولُ : أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ.)).
قال محمد بن الحسن : هذا حسن ، وهذا رخصة ، والصلاة في الجماعة أفضل.
لم يقل لنا ، ونحن لا نريد قوله ، أفضل من ماذا ؟ أفضل مما دعا إليه النبي ؟!
- الحديث رقم (202) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرنا نافع ، عن ابن عمر؛
(( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ إِذَا عَجِلَ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.)).
قال محمد بن الحسن في آخر الباب : لسنا نأخذ بهذا ، لا نجمع بين الصلاتين في وقتٍ واحدٍ ، إلاَّ الظهر والعصر بعرَفَةَ ، والمغرب والعشاء بمُزدلفة ، وهو قول أبي حنيفة.
وهنا ، من حق أبي حنيفة ، ومن لَفَّ لَفَّهُ ، أن لا يأخذوا بهذا ، لأن هذا يأخذ به فقط من قال الله لهم :
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾.
- الحديث رقم (207) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، أخبرني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمان بن عبد الله بن عمر ، أن سعيد بن يسار أخبره ،
(( أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ الله عَنْهُمَا ، فِي سَفَرٍ ، فَكُنْتُ أَسِيرُ مَعَهُ ، وَأَتَحَدَّثُ مَعَهُ ، حَتَّى إِذَا خَشِيتُ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ ، تَخَلَّفْتُ ، فَنَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ ، ثُمَّ رَكِبْتُ فَلَحِقْتُهُ ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ : أَيْنَ كُنْتَ ؟ فَقُلْتُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، نَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ ، وَخَشِيتُ أَنْ أُصْبِحَ ، فَقَالَ : أَلَيْسَ لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ؟ فَقُلْتُ : بَلَى وَاللَّهِ ، قَالَ : فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يُوتِرُ عَلَى الْبَعِيرِ.)).
قال محمد بن الحسن : لابأس أن يصلِّي المسافر على دابته تطوعًا إيماءً ، حيث كان وجهه ، يجعل السجود أخفض من الركوع ، فأما الوتر والمكتوبة فإنهما تصلَّيان على الأرض.
- الحديث رقم (272) قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك ، حدثنا زيد بن أسلم ، عن عبد الرحمان بن أبي سعيد الخُدْري، عن أبيه أن رسول الله r قال :
(( إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي ، فَلاَ يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ.)).
قال محمد بن الحسن : يُكره أنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بين يدي المصلي، فإن أراد أن يمرَّ بين يديه فليدارأ ما استطاع ، ولا يقاتله ، فإنْ قاتَلَهُ كان ما يدخل عليه في صلاته من قتاله إياه أشدَّ عليه من ممرِّ هذا بين يديه ، ولا نعلم أحدًا روى قتاله إلاَّ ما رُوي عن أبي سعيد الخدري ، وليست العامَّة عليها ، ولكنها على ما وَصفتُ لك ، وهو قول أبي حنيفة.
هنا ، لا بد من التوقف ، فأنت أمام جريمة قامت على أساس يهوديٍّ ، هو : وقالوا : سمعنا وعصينا.
وأترك للمسلم الصادق أن يقرأ باقي كلام هذا الجربوع ، الذي صَدَق يحيى بن معين إذ رماه بالكذب ، وقال أحمد بن حنبل : ليس بشيء ، افتح أنت أي صفحة من صفحات ((الموطأ)) برواية محمد بن الحسن الشيباني.
والذي يواصل القراءة ، في هذه الرواية للموطأ ، سيعلم علم اليقين ، أن علماء الحديث عندما ذكروا مخالفة أبي حنيفة لدين الله ، وسُنَّة نبيه ، كانوا هم الأمناء.
افتح معي ((صحيح ابن حِبَّان)) (3780 و3781) ،
قال ابن حِبَّان : أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني ، وأحمد بن علي بن المثنى ، قالا : حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : جلستُ إلى أبي حنيفة ، بمكة ، فجاءه رجلٌ ، فقال : إني لبستُ خُفين ، وأنا محرمٌ ، أو قال : لبستُ سراويلَ ، وأنا محرمٌ ، شك إبراهيم ، فقال له أبو حنيفة : عليك دَمٌ.
قال حماد بن زيد : فقلتُ للرجل : وجدتَ نعلين ، أَو وجدتَ إزارًا ؟ فقال : لا ، فقلت : يا أبا حنيفة ، إن هذا يزعم أنه لم يجد ؟ فقال : سواءٌ وجد أو لم يجد.
قال حماد بن زيد : فقلتُ حدثنا عَمرو بن دينار ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس ، قال : سمعتُ رسولَ اللهِ يقول :
((السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الإِزَارَ وَالْخُفَّانِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ.)).
وحدثنا أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله قال :
(( السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الإِزَارَ ، وَالْخُفَّانِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ.)).
قال : فقال بيده ، وأشار إبراهيم بن الحجاج ، كأنه لم يعبأ بالحديث ، فقمتُ من عنده.
أخي المسلم ، ذكرت لك هنا بعضًا من حقيقة هؤلاء ، بالأدلة القاطعة ، مع ذكر كل مصدر ، فاحذرهم ، وعليك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ، فالزمه ، وقد تحدثت معك ولم أُفم حسابًا إلا لله ، لأن إخواننا من أهل الحديث للأسف عندما يتحدثون في هذا الأمر ، ينظر الواحد حوله ألف مرة ، خائفا ، قبل أن ينطق بكلمة ، مع أن أصغر واحد منهم أكبر بكثير من مثلي ، ويعرفون أضعاف ما أعرف.
والسلام عليكم
أبو جهاد