مدينة أريحا
أَرِيحَا إحدى المدن الفلسطينية، ومن أقدم مدن العالم؛ إذ يرجع تاريخها إلى ما قبل 8,000 سنة. أخذت اسمها من اسم أقدم معبد فيها كان مخصصًا لعبادة إله القمر أريحو. تبعد أريحا عن القدس بنحو 35كم، وعن نهر الأردن بنحو 8كم، وعن البحر الميت بنحو 10كم. وتبلغ مساحة المدينة ومنطقتها حوالي 351كم².
أهميتها. ترجع أهمية أريحا لعدة أمور منها: 1- كثرة ينابيعها؛ ولذا نجحت الزراعة فيها نجاحًا كبيرًا. 2- موقعها المتوسط بين ضفتي نهر الأردن؛ فهي بوابة العبور إلى فلسطين من جهة الأردن. 3- مناخها المعتدل شتاءً الذي جعلها من أجمل المشاتي في العالم. 4- آثارها القديمة، كآثار تل السلطان في شمالها الغربي، التي تدل على أنها أقدم مدينة مسوَّرة زاول سكانها الزراعة منذ عشرة آلاف سنة؛ وقصر هشام بن عبدالملك، واسمه أيضًا قصر خِرْبة المفجَّر، الذي تهدم إثر زلزال عام 747م، ومازالت آثاره باقية حتى الآن. 5- تكتسب المدينة أهمية خاصة منذ أوائل التسعينيات من القرن العشرين، حيث أصبحت تشكل مع قطاع غزة مركز الاهتمام لعملية السلام في الشرق الأوسط، حيث تمّ الاتفاق بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في سبتمبر 1993م على جعلها جزءًا من منطقة الحكم الذاتي الفلسطيني، وهو الاتفاق المعروف باتفاق غزة ـ أريحا أولاً. ونتيجة للاتفاق دخل رئيس منظمة التحرير الفلسطينية إلى منطقة غزة ـ أريحا في يوليو 1993م، وأخذ يمارس سلطاته على رأس مسؤولي سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني.
المناخ. مناخها حار صيفًا، معتدل شتاءً. ولذلك بنى هيرودس الروماني فيها قصره الشتوي.كما أن هشام بن عبدالملك الخليفة الأموي بنى فيها قصره المشهور باسم قصر هشام.
الزراعة. نجحت الزراعة فيها نجاحًا كبيرًا بسبب كثرة عيون الماء فيها. وأهم المحاصيل الخضراوات والحمضيات (البرتقال والليمون وغيرهما) والموز وغير ذلك من مزروعات المناطق الحارة.
المشروع العربي الإنشائي (مشروع العَلَمي). أقيم هذا المشروع الزراعي الحرفي في منطقة أريحا. وهو قرية زراعية نموذجية يتدفق الماء فيها من آبار أرتوازية حولت الصحراء إلى منطقة زراعية. وقد أنشئت هذه القرية لتعليم أبناء شهداء فلسطين الذين فقدوا آباءهم نتيجة المعارك التي دارت بين العرب واليهود وخاصة حرب عام 1948م، يتعلمون فيها مبادئ العلوم العامة، ثم يتخصصون في الزراعة الحديثة، كما يتعلمون بعض المهن كالنجارة والحياكة والخياطة وصناعة الأحذية.
السكان. بلغ عدد سكان مدينة أريحا 15,000 نسمة حتى ما قبل وصول السُّلطة الوطنية الفلسطينية عام 1993م. وكان عدد سكان منطقتها يبلغ 63,900 نسمة عام 1961م. ويشمل هذا العدد من هاجر من سكان فلسطين المحتلة عام 1948م، حيث أقاموا في مخيَّمين كبيرين هما: مخيَّم عَقَبَة جَبْر و مخيَّم عين السلطان. ولكن هذا العدد تقلَّص كثيرًا إلى 9,100 نسمة بسبب نزوح هؤلاء المهاجرين إلى الضفة الشرقية من الأردن إثر حرب يونيو عام 1967م. وارتفع العدد إلى 11,300 نسمة عام 1980م. ولذلك تعدُّ أريحا من أدنى المدن الفلسطينية كثافة سكانية.
بقايا قصر هشام في أريحا
نبذة تاريخية. تعرضت أريحا لغزوات متعددة كان أفظعها الغزو اليهودي عام 1250ق.م، الذي أشاع الخراب والتقتيل فيها.
ولما قضى الرومان واليونان على اليهود انتعشت أريحا مرة أخرى. وبنى فيها هيرودس قصره الشتوي.
وبعد الفتح الإسلامي لبلاد الشام وفلسطين، انتعشت أريحا واتخذها خلفاء بني أمية مشتى لهم، ويدل على ذلك قصر هشام بن عبدالملك.
ولما زحف إبراهيم باشا إلى فلسطين حوالي عام 1832م، أحضر إلى أريحا كثيرًا من الأُسَر التي زاولت أعمال الزراعة فيها.
ولما دخل الإنجليز أريحا في سبتمبر 1918م، أخذوا يهتمون بالثروات المعدنية في البحر الميت المحاذي لها، فأنشأوا شركة أملاح البحر الميت لاستغلال البوتاس.
وبعد حرب عام 1948م، عُقدت مؤتمرات شعبية للنظر في مستقبل الأراضي الفلسطينية التي بقيت في أيدي العرب، وكانت النتيجة انضمام تلك الأراضي التي سميت الضفة الغربية (ومن ضمنها أريحا) إلى المملكة الأردنية الهاشمية. وبقيت كذلك حتى عام 1967م، حيث احتلت إسرائيل الضفة الغربية جميعها وقطاع غزة وسيناء والجولان. وتحررت بعد ذلك سيناء وعادت لمصر، أما الضفة والقطاع فقد منحت الحكم الذاتي في إطار اتفاقية السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية عام 1993م. انظر: الأردن.