البـــومـــة
البومة. نوع من الطيور عادة ماتعيش في عزلة وتقنص الطعام أثناء الليل. وأطلق على البومة الحارس الليلي للحدائق لأنها تأكل القوارض الضارة أثناء الليل. وبالرغم من أنها طائر جارح ـ أي أنها طائر يقتل ويأكل الحيوانات الأخرى ـ فلم يعتقد الناس بأنها تمت إلى الطيور الجارحة بصلة.
عَرف العلماء حوالي 145 نوعًا من البوم. وتعيش البومة في كل مكان من المناطق المدارية، والمعتدلة، وشبه القطبية من العالم، وتوجد أيضًا في العديد من جزر المحيطات.
تعتبر البومة العفريتة، أو البومة القزمة، التي تعيش في مناطق جنوبي غربي الولايات المتحدة الأمريكية، وغربي المكسيك، أصغر أنواع البوم، حيث يبلغ طولها حوالي 15سم. وأكبر أنواع البوم البومة الرمادية العظمى، التي تعيش في غابات كندا وألاسكا النائية ويمتد مداها الجغرافي شمالاً إلى أقصى حد يمكن أن تنمو فيه أشجار. ويبلغ طولها 75سم، ويتراوح طول جناحيها المنفردين بين 137 و152سم.
المظهر. في استطاعة أي شخص أن يميز البومة من الوهلة الأولى برأسها الكبير العريض، وبطوق الريش الذي يحيط بعينيها وهو يشبه صحن الفنجان. هذا الطوق يعرف بالقرص الوجهي، وهو يعكس الصوت نحو فتحتي أذن البومة. وفي بعض الأنواع يكون القرص الوجهي وفتحتا الأذن كبيرين جدًا.
تختلف عيون البومة عن عيون الطيور الأخرى في كبر حجمها وفي اتجاه كلتا العينين إلى الأمام حيث تتمكن من رؤية الأشياء بكلتا العينين في نفس الوقت، أي رؤية مزدوجة مثل الإنسان ولكنها لاتستطيع تحريك عينها وبذلك يجب عليها تحريك رأسها لمتابعة الأجسام المتحركة. وللبومة أهداب طويلة على جفونها العليا، وتستطيع أن تغلق بها عينيها. وعيون البومة تكسبها مظهر الوقار والحكمة، واعتبرت البومة رمزًا للحكمة منذ أمد بعيد. واعتقد قدماء الإغريق أن البومة مقدسة للإلاهة أثينا، إلاهة الحكمة لديهم. وفي حقيقة الأمر فإن طيور القيق الأزرق والغربان وغربان الزيتون وطيورًا عديدة أخرى أكثر ذكاءً من البوم.
للبوم أجسام قصيرة وسميكة وقوية كما أن لديها مناقير خطافية وأرجلاً قوية مزودة بمخالب حادة تدعى براثن، ولدى بعض البوم خُصَلٌ من الريش على رأسها، غالبًا ما يطلق عليها آذان أو قرون وغالبًا ماتجعل تلك الطيور تبدو أكبر من حجمها الحقيقي. ولون ريش البوم أربد مُعْتِمٌ ليوافق بيئته ونشاطه الليلي.
طريقة الحياة. يستطيع البوم الطيران بسرعة معقولة، ويُخْفي ريشه صوت الحفيف الذي عادة ماتحدثه الطيور في طيرانها، وعليه فإن البوم لايُسْمَعُ له أي صوت في طيرانه مما يمكنه من الانقضاض على فريسته دون أن تدري به. تستطيع بعض أنواع البوم الرؤية جيدًا خلال النهار مما يمكنها من الصيد جيدًا كما في الليل، وبعضها الآخر لا يرى ولا يصطاد إلاّ ليلاً فقط، وتعتمد أنواع أخرى من البوم ذي السمع المرهف على السمع أكثر من اعتمادها على النظر في القنص، ويمكن لتلك الأنواع تمييز طرائدها من الفئران وفئران الحقول والثدييات الصغيرة الأخرى واصطيادها في الظلام الدامس اعتمادًا على الحفيف الذي تحدثه الفئران في جريها خلال أوراق الأشجار في أرض الغابة.
يتغذى البوم أساسًا بالثدييات، حيث يصطاد البوم الأكبر حجمًا، الأرانب والسَّناجب، بينما يصطاد الأصغر حجما، كثيرًا من الفئران والجرذان وكثيرًا من الزَّبابة (حيوان يشبه الفأر). يصطاد البوم عادة فرائسه حية ولكنه أحيانًا يحمل الحيوانات التي قُتلت لتوها على قارعة الطريق بواسطة السيارات، كما يصطاد بعض البوم الطيور والحشرات أيضًا. وكذلك يصطاد بعض أنواع البوم السمك من المياه الضحلة. يمزق البوم ـ مثل الباز ـ فرائسه الكبيرة إلى قطع صغيرة يأكلها، ويبتلع الطرائد الصغيرة بكاملها، ثم بعد ذلك يلفظ قطع العظام والفراء والقشور والريش التي لايستطيع هضمها، في أعشاشه ومهاجعه.
يعتبر البوم من أكثر الطيور المفيدة للفلاحين حيث تخلصهم من القوارض التي تضر المزروعات مثل فئران الحقل والجرذان وكذلك الأرانب، ونادرًا ماتصطاد الدواجن لأنها غالبًا ماتكون نائمة في بيوتها عند نشاط البوم الليلي.
لايبني البوم أعشاشًا متقنة الصنع، ولكن أغلب أعشاشه هي أعشاش الباز أو الغربان المهجورة، أو هي تجاويف في الأشجار والكهوف أو جحور تحت الأرض، أو حظائر الحبوب والأعلاف أو المنازل المهجورة. تضع غالبية إناث البوم حوالي ثلاث أو أربع بيضات بينما يضع بعضها بيضة واحدة، وهذا هو الحد الأدنى، ويضع بعضها 12 بيضة، وهذا هو الحد الأقصى. بيض البوم تقريبًا مستدير الشكل ولونه أبيض تعلوه صفرة أو زرقة.
يتعاون ذكور البوم وإناثه في حضن البيض وفي العناية بالصغار. يكسو جسم صغار البوم زغب أبيض كثيف، وتمكث الصغار في العش مدة تتراوح بين 10 و 12 أسبوعًا، ويدافع الأب والأم عن العش وقد يؤذيان بعض الناس أحيانًا ببراثنهم
أنواع البوم. تُوجد فصيلتان من البوم: فصيلة بوم الحظائر وفصيلة البوم الحقيقي. هناك 10 أنواع من فصيلة بوم الحظائر تعيش في معظم الأماكن عدا المناطق الباردة، وعليه فهي واسعة الانتشار حيث يمتد مدى توزيعها الجغرافي بين خطي العرض 40 ْ شمالاً وجنوبًا من المناطق الشمالية الغربية لقارة أوروبا وجنوبًا حتى حافة قارة أمريكا الجنوبية، ويصل طول بومة الحظائر الشائعة إلى حوالي 46سم، وهي غالبًا ماتبني أعشاشها في الكهوف أو في تجاويف الأشجار، أو في الأماكن المظلمة في حظائر الحبوب والأعلاف، ومن هنا نشأ اسم هذا البوم، بوم الحظائر. ويشجع الفلاحون في بعض المناطق الأوروبية بوم الحظائر لإقامة أعشاشه في حظائرهم وذلك بعمل باب خاص في تلك الحظائر يُعرف بباب البوم يسمح بحرية الدخول والخروج. أما البوم الصغير الحجم فيميل لاصطياد الحشرات لغذائه.
يعيش البوم الحفّار الأمريكي في السهول المكشوفة وفي قارة أمريكا الشمالية. غالبًا مايعشش هذا النوع من البوم في جحور حيوانات كلاب البراري المهجورة. وكلاب البراري ليست كلابًا ولكنها من القوارض الكبيرة الحجم. لدى البوم الحفّار أرجل طويلة تساعده على الحركة فوق الأرض، وتمكنه من الرؤية جيدًا أثناء النهار، ويقتات أساسًا الحشرات، ويشمل غذاؤه الثدييات أيضًا، خاصة صغار كلاب البراري، ولدى هذا النوع من البوم صوت يشبه صوت اصطكاك الأسنان.
تعتبر بومة الصقر الآسيوية، ونظيرتها في قارة أمريكا الشمالية البومة المقرنة العظمى من أكبر أنواع البوم، وهي طيور قوية يصل طولها إلى 70سم، وهي ذات خصلتين من الريش تشبهان القرون قُرْبَ أذنيها وذات عيون برتقالية اللون، وهي تعيش في الصحاري الصخرية الموحشة، وكذلك في مناطق الغابات، ويمكنها صيد فرائس كبيرة بحجم صغار الأيائل أو الأرنب البري أو الطيور الكبيرة.
أما البوم السمَّاك فهي من الطيور القوية أيضًا ولديها مناقير ضخمة قوية وأرجل غير مغطاة بالريش وأقدام مكسية بحراشف خشنة تساعدها على المسك بإحكام على فرائسها من الأسماك، وتعيش أنواع عديدة من هذا النوع في قارتي إفريقيا وآسيا. وهي تصطاد أساسًا ليلاً.
تعتبر البومة الرمادية العظمى من أكبر البوم حجمًا في العالم حيث يصل طولها إلى 76سم، ولديها رأس كبير به حلقات مترادفة من الريش المقلّم، وعادة ماتبيض في أعشاش الطيور الجارحة الأخرى المهجورة مثل أعشاش الباز المهجورة في الغابات الصنوبرية الكثيفة. تدافع البومة الرمادية العظمى بشدة عن عشها وصغارها وهي تتغذى أساسًا بفئران الحقل.
توجد البومة طويلة الأذن في مناطق عديدة في نصف الكرة الشمالي، وتفضل غابات الصنوبر والغابات المختلفة، ويمكن التعرف عليها بوساطة الخطوط الطولية الموجودة على صدرها، وكذلك عن طريق خصل ريشها الأذنية المتقاربة من بعضها أكثر مما هي عليه في بومة النسر، ويمتاز نداؤها الصوتي بعواء ممدود (وووو) يردد ثلاث مرات كل بضع ثوان.
وتوجد البومة قصيرة الأذن في مناطق عديدة في نصف الكرة الشمالي، وهي من طيور المناطق المكشوفة كالمستنقعات والمروج والمناطق البور، وغالبًا ماتصطاد أثناء النهار حيث تنقض على فريستها كصقر الهَارّ، وهو نوع من الصقور يمتاز بأجنحته الكبيرة البطيئة الحركة وندائه الصوتي المتمثل في صوت "توت ـ توت ـ توت" يردد عدة مرات. تعشش البومة قصيرة الأذن على الأرض.
تعيش البومة الثلجية في المناطق القطبية. والأنثى أكبر حجمًا من الذكر حيث يبلغ طولها حتى 65سم، الذكر تقريبًا أبيض ناصع البياض، أما الأنثى فريشها مقلم ويغلب عليها اللون البني. تتغذى البومة الثلجية أساسًا بقوارض اللاموس وأيضًا بالثدييات الصغيرة الأخرى وبعض الطيور. تبيض البومة الثلجية حوالي 14 بيضة، وهذا هو الحد الأقصى في حالة وجود قوارض اللاموس بكميات كبيرة، وقد لاتبيض إطلاقًا إذا قلت أعداد تلك الحيوانات، وقد تضع بيضها في جحور في الأرض أو على أطراف الصخور الصلدة، وتصدر البومة الثلجية صوتًا أجش متهدجًا يشبه نعيق الغربان.
*** *** ***