الـقـــــــــــــــــــــط
القـط حيوان أليف مُحبب لبعض الناس. فالقطط حيوانات ذكية بطبيعتها، تعتمد على نفسها، وهي مُغرمة باللعب والتسلية، ويتميز الكثير منها بالألفة والإخلاص لبعض الناس من كافة الأعمار.
تشير كلمة القط إلى فصيلة الحيوانات آكلة اللحوم التي تشمل النمور والأسود والفهود والسنوريات الأخرى، وتشمل هذه الفصيلة أيضًا القطط المنزلية التي يحتفظ بها بعض الناس حيوانات أليفة مدللة. تشترك القطط الأليفة المنزلية مع القطط البرية في كثير من الخواص والصفات، حيث إنها ذات أجسام طويلة قوية ورؤوس مستديرة إلى حدٍّ ما وفكين قصيرين قويين يحملان 30 سنّا حادة. وتتميز فصيلة القط بمهارة فائقة في صيد فرائسها من الحيوانات الأخرى، وذلك بالاقتراب من الفريسة في هدوء على الأقدام المبطّنة، أو الانتظار حتى تقترب الفريسة فتنقض عليها فجأة.
للقطط المنزلية الأليفة كثير من القدرات الجسمانية الخاصة ومنها القدرة على الإبصار في الضوء الخافت بدرجة أفضل من الإنسان فضلاً عن تسلق الشجر، والجري بسرعة عالية والقفز لمسافات طويلة. وللقطط حاسة توازن فائقة إذ يمكنها السير بسهولة على حائط عال ضيق أو على حافة رفيعة. وعندما تسقط القطط فإنها تنزل بخفة على أقدامها المبطّنة.
تختلف القطط في طباعها وبعض صفاتها الجسمانية مثل طول ولون الفرو. ويوجد عدد كبير من سلالات القطط لكل منها بعض الصفات المميزة. ومن بين السلالات المفضلة السيامي والبورمي والفارسي.
ولا يعلم أحد بالضبط متى استؤنست القطط لأول مرة. ويعتقد بعض المؤرخين أنها استؤنست منذ حوالي 5,000 سنة. وعلى مر التاريخ اقتنى بعض الناس القطط لقدرتها الكبيرة على صيد الفئران والجرذان والثعابين. وبذلك كانت القطط تحافظ على المزارع والبيوت وأماكن العمل خالية من هذه الآفات.
وفرت رشاقة أجسام القطط مادة شيقة لبعض الفنانين على مرّ العصور، حيث وردت القطط في كثير من المؤلفات وفي الأساطير اليونانية والرومانية القديمة كما ظهرت القطط في بعض الحكايات القديمة والفولكلور، وفي شعارات ورموز البلاد خصوصًا في المجتمعات الغربية. وفي العصر الحديث ظهرت القطط حيوانات محبوبة في المسلسلات الهزلية والأفلام والبرامج التلفازية.
جسم القط
حجم وتركيب الجسم. يتراوح ارتفاع القطط المكتملة النمو من 20 إلى 25 سم حتى الأكتاف. وتزن من 2,7 إلى 7كجم عدا بعض القطط التي قد تزن أكثر من 9كجم.
وللقطط نفس الهيكل والأعضاء الداخلية في الإنسان، وسائر آكلات اللحوم حيث يتكون الهيكل العظمي للقط من 250 عظمة. ويشكل الهيكل العظمي شبكة تدعم وتحمي الأنسجة والأعضاء الداخلية لجسم القط. ومعظم العضلات المتصلة بالهيكل طويلة، ورفيعة ومرنة، تمكّن القط من الحركة بسهولة وسرعة فائقة. فالقطط تستطيع الجري بسرعة قد تصل إلى 50 كم في الساعة.
ويُمكّن ترتيب عظام القط ومفاصلها من أداء حركات مختلفة. فعلى عكس كثير من الحيوانات يمشي القط بتحريك الرجلين الأمامية والخلفية معًا لجانب واحد من الجسم تليها رجلا الجانب الآخر، ولذلك يبدو القط وكأنه ينزلق. ويساعد مفصل الورك القط على القفز، بينما تسمح بقية مفاصل القط بتحريك رأسه بحيث يصل إلى معظم أجزاء الجسم.
وفي كل يد أمامية للقط خمس أصابع تشمل أصبعًا يشبه السبابة ويسمى البرثن. ولكل كف خلفي أربع أصابع. ولبعض القطط أصابع زائدة وتعرف بعديدة الأصابع. وينتهي كل أصبع من أصابع القطط بمخلب حاد يشبه الخطاف. وفي العادة يكون المخلب مرتدًا (مسحوبًا للداخل) تحت الجلد برباط مرن من الأنسجة الضامة. لكن عند استعمال المخلب تقوم العضلات بجذب الأوتار ـ نسيج على هيئة حبل ـ المتصلة بالمخلب مما يؤدي إلى بروزه.
يستعمل القط مخالبه في التسلق، وصيد الفرائس والدفاع عن النفس. وتغطي باطن قدم القط وسائد إسفنجية عديدة من جلد سميك. هذه الوسائد تمتص الصدمات على الأكف وتساعد القط على الحركة بهدوء.
أما ذيل القط فهو امتداد للعمود الفقري، يساعد على حفظ توازن القط، وعندما يسقط، يبرم ذيله بسرعة ويلوي جسده ليهبط على أرجله.
الرأس. رأس القط صغير، به فكَّان قصيران قويان. وللقطط الصغيرة حوالي 26 سنًا مدببة ومؤقتة تسقط في الشهر السادس. وللقطط المكتملة النمو 30 سنًا تستخدمها في تقطيع وتمزيق الغذاء. وعلى عكس الإنسان، فليس للقطط أسنان لطحن الغذاء ومع ذلك تستطيع هضم أجزاء أو كتل كبيرة من الغذاء غير الممضوغ. وتُغطّي لسان القط نتوءات صغيرة على شكل خطاطيف تسمى حليمات تجعل اللسان خشنًا. ويساعد السطح الخشن للسان القط على نزع اللحم من العظام كما يساعده على تمشيط فروته.
وللقط أنف صغير وتَدِيُّ الشكل يُغطي طرفه طبقة جلدية خشنة تُسَمّى جلدة الأنف ذات ألوان مختلفة وتكون غالبًا رطبة وباردة.
تتخذ الأجزاء الملونة في عيون القطط، والمسماة القزحية ظلالاً لونية متعددة مثل الأخضر والأصفر والبرتقالي والنحاسي والأزرق. وتأخذ قزحية عيون القطط ذات العيون الشاذة ألوانًا مختلفة أيضًا. فمثلاً تتلون إحدى العينين باللون الأخضر والأخرى باللون الأزرق. وتتحكم عضلات قزحيّة العين في كمية الضوء النافذ إلى عين القط خلال فتحة تُسَمّى البؤبؤ (إنسان العين) في الضوء الساطع. وتحمي القزحية العين من وهج الضوء وذلك بجعل البؤبؤ ينقبض ليصبح فتحة رأسية رفيعة. أما في الضوء الخافت فيتسع البؤبؤ للسماح بمرور مزيد من الضوء إلى عين القط.
يوجد في قاع كل عين جزء خاص يشبه المرآة يسمى بساط المشيمية يعكس الضوء على جزء آخر حساس من العين يساعد القط على الرؤية في الضوء الخافت. وهذا الجزء يسبب لمعان العين، وهو البريق الذي يراه الشخص حينما يسقط الضوء على عيني القط أثناء الليل. ولكل عين جفن ثالث في الركن الداخلي للعين يسمي غشاء الجفن الراف يعمل على حماية العين ودهنها.
توجد أذنا القط قريبًا من قمة الجمجمة وتتحرك كل أذن على حدة. كذلك يُوجه القط أذنيه باتجاه الصوت لتقوية سمعه.
فرو القط. يحمي فرو القط جلده ويعزله عن الخارج، ولمعظم فراء القطط نوعان من الشعر. فالجزء الخارجي من الفرو يتكون من شعر حماية طويل، بينما يتكون الجزء الداخلي من شعر ثانوي قصير. ويختلف لون وطول وصفات الفرو اختلافًا كبيرًا بين القطط، وتوجد كثير من التعبيرات الشائعة التي تستخدم لوصف لون فرو القطط مثل أحادي اللون ودخاني ومظلل وبني متموج وملون، أي متعدد الألوان ومنقط.
أعضاء الحس. بصر القط ليس قويًا مثل الإنسان. فالقطط ربَّما ترى معظم الألوان على هيئة ظلال رمادية. ومع ذلك فإنها تشعر بأقل حركة مما يساعدها على القنص. وترى القطط بوضوح في الضوء الخافت ولكنها لا ترى في الظلام الكامل.
وللقط حاسة شم قوية. فعلى سبيل المثال، تتعرف القطط الصغيرة المولودة مقرها مستعينة بحاسة الشم فقط. وبالإضافة للأنف، للقط عضو حس آخر بالفم لتحديد الروائح.
وللقط أيضًا حاسة سمع حادة تمكنه من سماع مدى أوسع من الأصوات بالمقارنة مع الإنسان. والصَّمَمُ نادر بين القطط ومع ذلك توجد حالات تلف سمع وراثية بين القطط البيضاء خاصة ذوات العيون الزرقاء والقطط الشاذة العينين.
وتتكـون شـوارب القـط من شعـر خـاص يُعَـدّ بمثابـة عضو لامس حساس. وتُسَمّى هذه الشوارب شعر الأنف أو شعر اللمس، وتنمو على الذقن وعلى جانبي الوجـه وفـوق العينـين. ويتصـل شعر اللمس بأعصـاب في الجلـد تعطي إشـارات للدماغ بمجـرد لمس الأشيـاء. وتسـاعد الشوارب القطط على حمايـة عيونها واستشعـار طريقها في الظـلام وتحديـد اتجـاه الريح.
سلالات القطط
يقوم مستولدو القطط باستيلاد العديد من السلالات ذات الألوان المختلفة بالمزاوجة الانتقائية بين الحيوانات التي تتوافر لديها الصفات والخصائص المطلوبة. وتظهر هذه الخصائص بصفة مستمرة بين القطط النقية. والسلالات النقية هي التي تنتج من أم وأب من السلالة نفسها. وتسمى أجيال القطط الناتجة من التزاوج العشوائي السلالات الخليطة أو الهجين أو المهجّنة وتستخدم هذه المصطلحات عندما يتم التزاوج بين سلالات مختلفة.
السلالات القصيرة الشعر. توجد عشر سلالات معروفة وهي:1- الحبشي 2- البريطاني قصير الشعر 3- البورمي 4- الدخيل قصير الشعر 5- هافانا البني 6- الكورات 7- عديم الذنب 8- الملك 9- الروسي الأزرق 10- السيامي
السلالات الطويلة الشعر. تم تمييز ثلاث عشرة سلالة معروفة في العالم. وهي: 1- قط أنقرة 2- الباليني 3- البيرمان 4- الجوهرة 5- الشنشيلة القارضة 6- الهملايا 7- الزنجي الأصلي 8- قط الغابات النرويجي 9- الفارسي 10- الدخاني 11- الصومالي 12- البني المتموج، 13- قط درقة السلحفاة 14- الأبيض.
الهجين. قطط ذات فراء متعدد الألوان والأشكال، لا تمثل سلالة معينة. وشكلها جميل ومحبب للنظر وهي غالبًا حادة الذكاء ومن أحب الحيوانات الأليفة. يقام للقطط من فصائل معينة ـ خاصة من القطط الهجين ـ في الغرب، الكثير من المعارض وتعطى جوائز وكؤوس وميداليات.
وعدد القطط الهجين أكثر من القطط الأصلية في العالم. وتقوم بعض القطط الهجين بصيد الفئران والجرذان في المزارع والبيوت. وفي معظم الدول ألوف من القطط الهجين الضالة وغير المرغوب فيها. وتحاول جمعيات الرفق بالحيوان إيجاد بيوت لهذه القطط الضالة بعد تعقيمها وإزالة أعضائها التناسلية.
حياة القط
تعيش معظم القطط فترة تتراوح بين 12 و15 سنة وقد تصل أعمار بعض القطط إلى 18 أو 19 سنة وهناك بعض منها عاش حياة طويلة قاربت 30 سنة.
التكاثر. تتزاوج القطط عندما تبلغ أعمار إناثها بين 5 و9 شهور وأعمار ذكورها بين 7 و10 شهور. وتستطيع الذكور أن تتزاوج في أي وقت بينما تتزاوج الإناث أثناء فترات معينة تعرف بالشّبق، وهي فترة الرغبة التناسلية الحارة. وتتكرر هذه الفترة عدة مرات خلال العام وتستمر غالبًا من 3 إلى 15 يومًا. وإذا مُنعت الأنثى من التزاوج أثناء فترة الشبق فمن المحتمل أن تأتي فترة الشبق التالية سريعًا. وفي معظم الأحوال تتكرر هذه الدورات حتى يحدث الحمل.
تستمر فترة الحمل في القطط حوالي 9 أسابيع. وعندما تستعد القطط للولادة، تختار موقعًا هادئًا أمينًا لتلد فيه. وفي أغلب الأحيان تضع القطة من 3 إلى 5 مواليد في المرة الواحدة. ورغم ذلك سُجلت حالات تصل إلى أكثر من عشرة مواليد. وتستطيع القطة الأم الولادة بدون مساعدة الإنسان إلا إذا تعسرت الولادة.
تزن معظم القطط الصغيرة حديثة الولادة حوالي 100جم. وتلحس الأم مواليدها وكذلك تجففهم وتنشِّط تنفسهم وباقي وظائف أجسامهم. وكسائر الحيوانات الثديية، ترضع الأم صغارها لبنًا طبيعيًا.
ولا تستطيع القطط حديثة الولادة الرؤية أو السمع لأن عيونها وآذانها تكون مغلقة. وهي تعتمد كليًا على الأمّ التي تقوم بالاعتناء بها وتنظيفها وحمايتها. ولا يقوم الأب بأداء أي دور في العناية بالقطط الصغيرة.
النمو والنشأة. تكسب القطط الصغيرة والمعافاة زيـادة ثابتـة في الـوزن يوميًـا. وتتفتـح أعينها خلال 10 إلى 14 يومًا بعد الـولادة. ثم تتفتح آذانها بعـد ذلـك سريعًا وتظهـر أول سنّ في الفم. وتبـدأ القطط الصغـيرة في المشي واكتشـاف بيئتها في عمر 3 أسـابيع. ويتم ذلك تحت مراقبـة الأم التي تقـوم بإعـادة القطط الصغيرة إذا ضلت طريقها. وعنـد بلـوغ الأسبـوع الرابع من العمر تبـرز للقطط الصغـيرة مجموعـة كاملـة من الأسنان المؤقتـة. وقد يبـدأ بعضها في أكـل المــواد الصلبـة، ولكن عنـد بلـوغ الأسبـوع الخـامس أو السادس يكون ذلك أمـرًا طبيعيًا ثم يبدأ الفطـام.
وعندما يبلغ عمر القطط الصغيرة 4 أسابيع، يبدأ أصحابها في التعامل معها ومداعبتها بلطف، وتصبح هذه القطط بعد هذا القدر من الاهتمام أليفة للغاية. فهي تتعلم أسرع ولديها قليل من مشاكل السلوك الحيواني مقارنة مع غيرها من القطط الصغيرة المعزولة عن الناس أو المحتاجة إلى الحماية المفرطة. وتصبح القطط الصغيرة، إذا اختلطت بكثير من الناس، أقل خوفًا من الأغراب والأوضاع الجديدة. ويمكن تعليم القطط عدم الخوف من الكلاب إذا سمح لها باللعب مع كلب أليف.
عند بلوغ الأسبوع السادس من العمر، يكتمل نمو الدماغ والجهاز العصبي للقطط الصغيرة؛ وبذلك تستطيع الابتعاد عن أمهاتها بأمان لفترات بسيطة، ومع ذلك قد تظل القطط الصغيرة في كنف أمهاتها وفراشها حتى عمر 9 إلى 10 أسابيع.
تنمّي القطط الصغيرة قدراتها باللعب مع أقرانها وبذلك تتعلم كيفية التعامل مع القطط الأخرى، وتكتسب القطط مهارات خاصة كمهارات الصيد وذلك بمراقبة وتقليد أمهاتها، وتصل أغلب القطط إلى حجم الجسم الطبيعي في عمر سنة.
الاختلاط. تتصل القطط بعضها مع بعض ومع الحيوانات الأخرى والإنسان بطرق عدة، فتستخدم الأصوات، وإشارات الجسم، والروائح وسائل اتصال. وقد أحصى الخبراء أكثر من 60 صوتًا مختلفًا للقط يتراوح بين الكركرة الناعـمة إلى العــويل المرتفـع المعروف بمواء القـط.
تصدر معظم هذه الأصوات من الحنجرة (صندوق الصوت) في الحلق. ويعتقد بعض العلماء أن كركرة القط تنشأ من اهتزازات في جدار الأوعية الدموية في الصدر نتيجة لسريان الدم بسرعة.
وللأصوات التي يصدرها القط معان عدة؛ فعلى سبيل المثال، قد يكون المواء ـ حسب حالة القط ـ لتحية صديق، أو قد يعبر عن الاهتمام أو الجوع أو الوحدة. أما الكركرة فتعبّر عن الرضا والقناعة إلا أن القطط تكركر عندما تكون مريضة ـ وتدل الهَسْهَسَة والدّمْدَمَة والصراخ على الغضب والخوف.
تتعارف القطط عن طريق أوضاع الجسم والذيل وتعبيرات الوجه المختلفة. فترقد القطط القنوعة الراضية على صدرها وتكون عيناها نصف مفتوحة. ولكي تدعو إلى اللعب والألفة تدور بعض القطط على جوانبها مع التلويح بأكفها في الهواء. ولكن عندما تكون في الحالة نفسها، مع مد المخالب والتحفز وجذب الآذان للخلف، فهذا دليل على الخوف الشديد والاستعداد للدفاع عن النفس.
ويحي القط صديقه من الناس برفع ذيله لأعلى. وقد يمسح رأسه في ذلك الشخص ويلمس يده الممتدة. ويلوح القط الغاضب أو الخائف بذيله من جانب لآخر، ويقوّس ظهره وينفش شعره. والقط المطيع ينحني بتذلل ويفرد أذنيه ويتجنب النظر المباشر في العيون.
تتعارف القطط فيما بينها عادة بوساطة الروائح. فتصدر روائح من غدد موجودة على مقدم الرأس، وحول الفم وبالقرب من قاعدة الذيل. وتحك القطط هذه الغدد في الناس والأشياء وبذلك تٌُعلِّم الأشياء برائحتها. وتستطيع القطط فقط وبعض الحيوانات القليلة شمّ هذه الروائح، ويقوم الذكر برش البول على الأشياء لتحديد منطقة تزاوجه. ويشم الناس والقطط رائحة قوية غير مقبولة للبول.
العناية بالقط
يتعلق هذا الجزء من المقالة بالعناية التي تجدها القطط من محبيها في بعض الدول الغربية والصناعية مثل الولايات المتحدة وكندا والدول الأوروبية واليابان. ولا تشغل القطط حيزًا من الحياة اليومية للناس في المناطق الأخرى من العالم.
تعتمد القطط على أصحابها في الحماية والمأوى. ويقوم أصحاب القطط، ومعظمهم من الغرب، بتغذيتها والعناية بها، وتدريبها وتقديم الخدمة البيطرية لها. وبالإضافة إلى ذلك تمنع القطط من التزاوج إذا لم يتوافر مكان مناسب للمواليد.
التغذية. تحتـاج القطط إلى غـذاء متكامــل يوفر لها كميات مناسبة من العناصر الغذائيـة المختلفـة اللازمة للنمو والطاقة، وتعويض أنسجة الجسم. وأسهل طريقة لإعطاء القطط حاجتها الغذائية هي شـراء غـذاء القط الجاهز ذي القيمة العالية.
والقطط بطبيعتها ليست أكولة ولكن يفضل أن يقدِّم لها أصحابها أنواعًا مختلفة من الغذاء لمنعها من تكوين شهية صعبة الإرضاء. ويمكن تغذية القطط بكميات صغيرة من أي غذاء مطبوخ. ويستمتع كثير من القطط أيضًا باللبن والجبن ومنتجات الألبان الأخرى. ورغم ذلك تسبب هذه الأطعمة الإسهال لبعض القطط. ويجب على أصحاب القطط تقديم مياه للشرب طول الوقت وتنظيف أواني الغذاء والماء. ويُفَضَّل تغذية القطط الصغيرة المفطومة بكميات صغيرة من الأكل 4 مرات يوميًا حتى يبلغ عمرها 3 شهور. ثم ثلاث مرات يوميًا حتى يبلغ عمرها 6 شهور، ثم مرتين يوميًا حتى تبلغ عمر النضج الجنسي.
تحتاج القطط المكتملة النمو إلى وجبة واحدة يوميًا ولكن يبدو بعض القطط أكثر سعادة بوجبتين صغيرتين. ويمكن ترك الطعام بحرية أمام القطط المعافاة التي لا تأكل أكثر من طاقتها
الاعتناء. تنظف القطط أجسامها بلعق فرائها. كما تقوم بِدَلك وتمشيط فرائها بأكفها. وتلحس أكفها، ثم تغسل وجوهها ورؤوسها بهذه الأكف المبللة مرة كل يوم على الأقل، وإن كانت بعض القطط لا تعتني بنظافة أجسامها جيدًا.
ويقوم مقتنو القطط والمهتمون بها من الموسرين في الغرب بتمشيط فرائها يوميًا لتنظيفه وإزالة الشعر الضعيف. وفي حال القطط ذوات الشعر الطويل، تصبح هذه العناية أكثر أهمية لمنع الشعر من التشابك والتعقيد.
وفي الغرب تحتاج بعض القطط ـ خاصة التي تعيش خارج المنازل ـ إلى الاستحمام، ولكن الاستحمام قلما يحتاج إليه حيث إن العناية المنتظمة تحافظ على نظافة القطط. وتجب العناية بالقطط الصغيرة حتى يسهل الاعتناء بها عندما تكبر
التدريب. يبدأ تدريب القطط الصغيرة عند بلوغها عمر 8 أسابيع فتتعلم الاستجابة لاسمها ـ وقد درّبت بعض القطط على المشي على حبل وعلى أداء بعض الألعاب مثل مصافحة الأيدي والتقاط الكرة.
ويعتبر التدليل والمنح الغذائية من أكثر الطرق فعالية في تدريب القطط. ويتعين قول كلمة "لا" مباشرة لتصحيح الخطأ في سلوك القط. ويجب أن يكون رد فعل المدرِّب دائمًا على سلوك معين بالطريقة نفسها لكي يتعلم القط المطلوب منه، ويجب أن يكون معلِّم القطط صبورًا وأن يتجنب العقاب الجسماني ويعتبر بخ الماء على القط من أفضل الطرق لوقف سلوك غير مرغوب فيه.
ويفضل تدريب قطط المنازل على استخدام صندوق الفضلات. فمن غرائزها دفن فضلاتها ولذلك فتدريب القطط على استخدام صندوق الفضلات أمر سهل. وتبدأ القطط الصغيرة ـ التي تنشأ مع أمّ تستعمل صندوق الفضلات ـ في التعود على هذه الصناديق قبل عمر 5 أو 6 أسابيع غالبًا.
يمكن استخدام أي وعاء بلاستيكي أملس السطح أو مطْليٌّ بالمينا صندوقًا للفضلات. ويفضل وضع الصندوق في مكان هادئ وفرشه بطبقة من الرمل أو نشارة الخشب أو الأوراق المقطعة أو التربة النظيفة. ويجب تنظيف هذا الصندوق وتغيير المواد عندما تبتل.
ويجب أيضًا تدريب القطط على نبش عمود الخدش بمخالبها بدلاً من السجاد أو الستائر أو المفروشات وذلك لأن القطط بطبيعتها تنبش الأشياء لنزع الطبقة الخارجية البالية من مخالبها ولوضع علامة لمناطقها.
ويمكن استخدام عمود مغطىّ بالقلف أو قطعة خشب مغطاة بالسجاد أو الفلين أو القماش عمود خدش جيد.
ويمكن دعك نعناع القط ـ وهو عشب ذو رائحة قوية يحب كثير من القطط استنشاقه ـ في عمود الخدش لجذب انتباه وفضول القط. ويساعد في ذلك الأخذ بالطرف الأمامي لكف القط وحكه على عمود الخدش. ويجب نهي القط وتنبيهه مباشرة إذا أنشب مخالبه في أي شيء وأخذه في الحال إلي عمود الخدش. ورغم ذلك يصعب تدريب بعض القطط على استخدام عمود الخدش ولذا يلجأ أصحاب القطط إلى الطبيب البيطري لنزع المخالب بوساطة عملية جراحية.
وتحب بعض القطط مضغ النباتات ولكن يمكن لأصحاب القطط تدريب قططهم على تجنب نباتات المنازل، خاصة لو قدم وعاء به بعض الحشائش أو الشوفان إلى القطط.
العناية البيطرية. تعاني القطط المنزلية أخطارًا أقل من القطط الضالة. فقد تتعرض القطط خارج المنازل لحوادث السيارات أو تسمم المبيدات الحشرية أو هجوم حيوانات مريضة أو معادية لها. وليس معنى ذلك أن القطط المنزلية في مأمن من الحوادث. فقد تسقط من نافذة مفتوحة أو من الشرفات ـ بالإضافة لذلك تعتبر المنظفات وبعض النباتات المنزلية ـ مثل اللبلاب ـ سامة للقط. ويجب على أصحاب القطط وضع هذه الأشياء بعيدًا عنها.
ويحرص بعض الناس في الغرب على أخذ القطط الصغيرة إلى الطبيب البيطري في عمر يتراوح بين 8 و10 أسابيع وذلك للفحص الجسماني. ويعمل الطبيب البيطري على إعطاء القطط لقاحات لحمايتها من الأمراض الشائعة. ولمزيد من الاطمئنان فإن العناية البيطرية ضرورية للمحافظة على صحة القطط وأصحابها لأن بعض أمراض الحيوان يمكن انتقالها إلى الإنسان. وتعرف هذه الأمراض باسم الحيوانية المصدر.
ويجب على أصحاب القطط تعرف أعراض الأمراض في حيواناتهم. ويعتبر مرض قلة البيض الشاملة، الذي يسمى أيضًا التهاب الأمعاء المعدي السنوري، واحدًا من أخطر الأمراض وأكثرها انتشارًا. ويسببه فيروس، وغالبًا مايكون مميتًا.
وتتمثل أعراض المرض في الكسل، وفقدان الشهية وارتفاع حرارة الجسم والقيء والإسهال الشديد. وعند ظهور بعض هذه الأعراض على القط يحرص مربو القطط على مراجعة الطبيب البيطري في الحال، وتطعيمه ضد هذا المرض.
تصاب القطط بنوعين آخرين هامين من المرض هما إبيضاض الدم السنوري والأنفلونزا ويعتبر إبيضاض الدم السنوري أحد أنواع السرطان التي تؤثر على مكونات الدم. وهو غالبًا مميت، ويسببه فيروس، وله أشكال مرضية أخرى مختلفة. وقد تم تحضير لقاح ضد هذا المرض عام 1985م.
أما الإصابات التنفسيّة فهى أمرٌ شائع بين القطط. وتشمل أعراض الإصابات التنفسية العطس ونزول إفرازات من الأنف والعينين والحمّى. ومن الممكن تحصين القطط ضد الإصابات التنفسية ولكن ليس ممكنًا حمايتها بصورة كاملة من الإصابة بأنفلونزا القطط، وذلك بسبب وجود فيروسات كثيرة ومختلفة تصيب القطط.
تسبب كثير من الطفيليات مشاكل صحية للقطط. فمنها الكثير من أنواع الديدان، مثل الديدان الأسطوانية والشريطية التي تتطفل داخل أمعاء القطط وبعض الأعضاء الأخرى. وتسبب الديدان الخمول والهزال والقيء والإسهال. وبعض الطفيليات الأخرى تعيش على جلد القطط وتسبب حكّة شديدة. وتعتبر البراغيث وقراد الأذن من أكثر الطفيليات الخارجية شيوعًا. وتصاب القطط أيضًا بالقوباء الحلقية وهو مرض جلدي مُعدٍ يسببه فطر. انظر: البرغوث؛ القملة؛ القوباء الحلقية؛ الدودة الأسطوانية؛ الدودة الشريطية المسطحة.
تنظيم النسل. تُقْتَل ملايين القطط غير المرغوب فيها كل عام. وتقوم جماعة حماية الحيوان بإبادة القطط الضالة بالإضافة إلى موت أعداد أخرى لا حصر لها بسبب الجوع أو الحوادث أو المرض. ولحل مشكلة القطط الضالة، يجب على أصحاب القطط عدم السماح لقططهم بالتزاوج مالم يتوفر لها المسكن المناسب.
ويحاول أصحاب القطط، في الغرب، منع القطط من التزاوج بحصر حيواناتهم داخل المنازل. ولكن هذه الطريقة لتنظيم النسل صعبة، علاوة على أنها لا تمنع العادات الجنسيّة المصاحبة مثل رش الذكور البول لتحديد مناطق التزاوج أو عواء الإناث أثناء فترة الشبق.
ويستطيع الطبيب البيطري منع النسل بخصي القطط باستئصال بعض أعضاء التناسل. ويؤدي التعقيم إلى إنهاء العادات المرتبطة بالجنس. وتسمى هذه العملية استئصال المبيض عندما تُجرى لإناث القطط. ويحبذ الأطباء البيطريون استئصال المبيض قبل أول فترة تزاوج لإناث القطط. ويحددون السن المناسب للقطط الصغيرة ويتم إخصاء الذكور في أي وقت بين الشهر الرابع إلى السادس من العمر.
جمعيات ومعارض القطط
يعقد مُحِبُّو القطط في العالم عدة لقاءات لدفع الاهتمام بالقطط. ويكثر هواة تربية القطط في أستراليا وكندا وأوروبا واليابان ونيوزيلندا والولايات المتحدة الأمريكية. وقد قامت هذه الدول بتمييز السلالات المناسبة للقطط وتبادل الغريب منها.
وتقوم جمعيات القطط بتسجيل السلالات الأصيلة ـ بمعنى تسجيل أصل الحيوانات ـ لضمان الحفاظ على السلالات. كما ترعى الجمعيات معارض القطط وتضع مقاييس للحكم على كل سلالة. وتشمل هذه المقاييس شكل جسم القط والرأس ولون العينين ونوع ولون الفراء.
ويقوم مستولدو السلالات وأصحاب القطط الأليفة بعرض أفضـل القطط في المعــارض.
نبذة تاريخية
يعتقد بعض العلماء أن فصيلة القط تطورت تدريجيًا من حيوانات صغيرة تشبه العِرسة تسمّى مياسز عاشت منذ أكثر من 50 مليون سنة. ومن المحتمل أن تكون المياسز هي أصل الحيوانات الثدييّة مثل الدببة والكلاب والراقون. وقد ظهرت أعضاء عائلة القط لأوّل مرّة منذ حوالي 40 مليون سنة.
ولايعرف أحد بالضبط كيف أو أين استؤنست القطط لأول مرة. ولكن يعتقد بعض الباحثين أن القط المنزلي ينحدر مباشرة من القط البرّي الإفريقي الذي استأنسه المصريون، في عام 3500ق.م تقريبًا.
والقطط المستأنسة هي تلك التي تقتل الفئران والجرذان والثعابين ولذلك منعت هذه الآفات من غزو الحقول المصرية ومخازن الحبوب. وأصبحت القطط حيوانات أليفة مدللة وخُلِّدَت في اللوحات والنقوشات والنحت.
وفي القرن السادس عشر قبل الميلاد قدّس المصريون القدماء القطط. فعبدوا إله الحب والخصوبة المسمى باستيت أو باست على هيئة رأس قط وجسم امرأة. وكان المصريون يعاقبون كل من يؤذي قطًا، بعقوبة تصل إلى حد الموت. وعندما يموت قط كانوا يحلقون حواجبهم علامة على الحداد ويحولون القطط الميتة إلى مومياوات. وقد وجد علماء الآثار مقبرة قديمة للقطط في مصر تحتوي على أكثر من 300,000 مومياء للقطط.
ومن المحتمل أن التجار اليونانيين والفينيقيين أخذوا القطط المستأنسة إلى أوروبا والشرق الأوسط منذ حوالي القرن الحادي عشر قبل الميلاد. وقد قدّر اليونانيون والرومان القطط لقدرتها على مكافحة القوارض. وفي روما، اعتبرت القطط رمزًا للحرية وحارسًا روحيًا للمنزل. وقد انتشرت القطط الأليفة من الشرق الأوسط إلى آسيا. وفي الشرق الأقصى استخدمت القطط لحماية المخطوطات في المعابد من التلف بوساطة الفئران والجرذان كما استخدمت القطط لمنع القوارض من مهاجمة شرانق ديدان الحرير، التي يصنع منها الحرير. وأصبحت القطط الحيوانات المفضلة لدى الفنانين والكتاب في الصين واليابان. وفي فترة القرون الوسطى اعتبرت القطط في أوروبا رمزًا للشر. وقد ربط المصدّقون للخرافات بين القط الشيطان وأعمال السحر. لذلك قتل الناس مئات الألوف من القطط. ويعتقد الخبراء أن قتل الكمية الكبيرة من القطط قد أدى إلى الزيادة الهائلة في انتشار الجرذان في أوروبا واتساع حالات الموت الأسود وهو نوع من الطاعون الدّبْلي الذي ينتقل من الجرذان إلى الناس عن طريق البراغيث، والذي أصاب حوالي ربع السكان في أوروبا أثناء القرن الرابع عشر الميلادي.
وبحلول القرن السابع عشر، بدأ الأوروبيون يفكرون مرة أخرى في أهمية القطط للسيطرة على القوارض. وبدأت القطط تكتسب شعبيتها تدريجيًا. وفي أثناء القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر بدأ الناس هناك يصطحبون القطط عند انتقالهم لأي مكان في العالم.
ثم عُقد المعرض الأول للقطط في لندن عام 1871م. وأنشيء نادي القطط الوطني للمملكة المتحدة عام 1887م. وبدأ الاهتمام بتنمية واقتناء القطط يزداد تدريجيًَا.
واليوم، أدى حبّ القطط وتزايد شعبيتها في الغرب إلى إنتاج صناعة ضخمة لتوفير الخدمات والمنتجات للقطط وأصحابها.
*** *** ***