تسأل إحدى الفتيات: أنا فى العشرينات من عمرى، فى أغلب الأوقات أشعر بتأنيب نفسى على الماضى، فأنا خجولة بعض الشىء وعندما أتعرض لموقف لا أتصرف فيه كما أريد، فأتسبب بالحرج لنفسى، ولا أقوى على نسيان تلك المواقف، فماذا أفعل؟
يجيب الدكتور هشام حتاتة، أستاذ مساعد الطب النفسى بكلية الطب جامعة عين شمس قائلا: إذا أثرت هذه المشاعر وطريقة التفكير على علاقاتها بالآخرين فهذا مؤشر يدل على وجود خجل اجتماعى مرضى، وننصح باللجوء إلى الطبيب النفسى، وأيضا إذا أثرت هذه المشاعر على علاقاتها مع نفسها بالشعور بالاكتئاب والحزن، فهذا يدل على وجود أعراض اكتئاب ثانوية، ولذلك ننصح بأن تلجأ إلى الطبيب النفسى لتعديل طريقة التفكير وتدريبها على الثبات الانفعالى.
وقد تحتاج لوجود بعض الأدوية المضادة للقلق والتوتر فى بداية العلاج، حتى يتم التدريب الكامل على طريقة التفكير وتعاملها مع مشاعرها، ولابد أن نوضح أن هناك فرقاً بين تأنيب الضمير وجلد الذات، والذى يعتبر تأنيباً للضمير، ولكن بصورة شديدة، وهى إحدى أعراض الوسواس القهرى ومرض الاكتئاب، وهناك الكثير من الناس تعتقد أن تأنيب الضمير الزائد مؤشر جيد للشخص.
وهذا اعتقاد خاطئ، حيث إن طريقة التفكير التى تؤدى إلى التأنيب الزائد ينتج عنه الكثير من الأمراض النفسية لأن هذا التأنيب الشديد يتطلب أخذ وقت كثير من التفكير فى الماضى، وتأنيب النفس على كل المواقف والأحداث الماضية، وهذا يؤدى إلى زيادة الضغط على الجهاز العصبى، وهذا الضغط يؤدى إلى نقص مادة فى الجهاز العصبى تسمى "السيروتونين"، وعندما تقل هذه المادة بالجهاز العصبى تؤدى إلى اضطراب فى مراكز التفكير، وأيضا مراكز المشاعر، فيشعر المريض بالقلق الزائد وعدم الراحة والتفكير فى نفس الحدث أكثر من مرة، مما يؤدى إلى تدهور الحالة النفسية، وبالتبعية تؤثر على علاقة المريض بالآخرين، ومن ثم تتأثر دراسته أو عمله.
وهذا الشخص أو المريض لا يشعر بمشاعر السعادة لأنه يفكر دائما فى الماضى، مما يشعر دائما بالألم ولا يستمتع باللحظة التى يعيشها، لذلك ننصح هذا الشخص الذى يعانى من تأنيب ضمير زائد، أن يقوم بتغيير شخصيته وطريقة تفكيره لأنها تؤثر عليه فى المستقبل، وعليه أن لا يحمل نفسه فوق طاقتها ولا يؤنب نفسه باستمرار على ما مضى، ويجعل الماضى فقط للتعلم منه، حتى لو أخطأ ويعتبرها وسيلة للتعلم وليس جلد الذات.