الإيدز اعتلال خطير جدًا ينتج عن عجز مقدرة أجهزة المناعة في الجسم على محاربة كثير من الأمراض. وغالبًا ما يقود هذا المرض في نهاية المطاف إلى الموت. وتعني كلمة إيدز متلازمة عوز أو نقص المناعة المكتسب، ويشير اسم هذا المرض إلى حقيقة أنه يصيب جهاز المناعة لدى المريض. ورغم أن بعض الباحثين كانوا يتابعون حالات هذا المرض منذ عام 1959م، إلا أن أول اكتشاف للإيدز كان في أمريكا في عام 1981م. ثم تتابع تشخيص حالات هذا المرض في جميع أنحاء العالم.
سببه. يسبب مرض الإيدز فيروسان في مجموعة الفيروسات التي تدعى الفيروسات الخلفية (الريتروفيرس)، وقد تم أول اكتشاف لهذا الفيروس بوساطة الباحثين الفرنسيين عام 1983م والباحثين الأمريكيين في عام 1984م. وفي عام 1985م أصبح الفيروس يدعى فيروس العوز المناعي البشري، أو هيف (HIV). كما اكتشف العلماء فيروسًا آخر أطلق عليه اسم هيف ـ 2( H I V-2).
يهاجم هذا الفيروس بصورة أساسية كريات دم بيضاء معينة. وتشمل هذه الكريات الخلايا التائية المساعدة والبلاعم التي تؤدّي دورًا مهمًا في وظيفة جهاز المناعة، انظر: المناعة. وفي داخل هذه الخلايا يتكاثر هذا الفيروس مما يؤدي إلى تحطيم الوظيفة الطبيعية في جهاز المناعة. لهذا السبب فإن الشخص المصاب بفيروس هيف يصبح عرضة للإصابة بأمراض جرثومية معينة قد لا يصاب بها الشخص العادي أو قد لا تكون مُمرضة بطبيعتها. وتسمى هذه الأمراض الأمراض الانتهازية لأنها تستغل تحطم جهاز المناعة.
الأعراض. قد يكمن فيروس الإيدز في جسم الإنسان لعشر سنوات أو أكثر بدون أن يحدث أي مرض. كما أن نصف الأشخاص المصابين بالإيدز يظهر لديهم أعراض مصاحبة لأمراض أخرى تكون في العادة أقل خطورة من الإيدز. لكن بوجود العدوى بالإيدز فإن هذه الأعراض تطول وتصبح أكثر حدة وهذه الأعراض تشمل تضخمًا في الغدد اللمفاوية وتعبًا شديدًا، وحمى وفقدان الشهية وفقدان الوزن والإسهال والعرق الليلي. وقد يسبب فيروس الإيدز متلازمة نقص الوزن مما يؤدي إلى نقص حاد في الوزن وتدهور في الصحة العامة للإنسان. وقد يصيب الدماغ محدثًا خللاً في التفكير والإحساس والذاكرة والحركة والاتزان.
والأشخاص المصابون بفيروس الإيدز معرضون بدرجة كبيرة للأمراض الانتهازية، فهناك أمراض معينة تصيب الأشخاص المصابين بفيروس الإيدز. فمثلاً ذات رئة المتكيِّسة الرئوية الكارينية وغرن كابوسي هي أغلب الأمراض المصاحبة التي تصيب 65% من مرضى الإيدز. ويعتبر ذات الرئة، الذي يصيب الرئتين السبب الرئيسي للوفاة في أمريكا الشمالية، أما غرن كابوسي فهو نوع من السرطان يظهر على الجلد ويكون مشابهًا للجلد المصاب بالحروق، ولكن السرطان ينمو وينتشر.
وقد يصاب بعض الناس بفيروس الإيدز ولا تظهر لديهم أي أعراض للمرض بينما يصاب آخرون بالفيروس ولا تظهر لديهم الأمراض الانتهازية، ولكن قد تظهر عليهم الأعراض خلال سنتين إلى عشر سنوات أو أكثر بعد الإصابة بالفيروس. أما الأطفال الذين يولدون وهم مصابون بالإيدز فقد تظهر عليهم الأعراض في فترة تقل عن المدة السابقة الذكر في البالغين.
عدد المصابين بالإيدز عام 2000م: 1,36 مليون
النســاء: 16,400,000
الأطفال: 1,400,000
عدد المصابين عام 2000 فقط: 5,300,000
الأطفال المصابون عام 2000 فقط: 600,000
عدد الوفيات منذ ظهور المرض: 21,800,000
عدد الوفيات من الأطفال: 4,300,000
كيفية انتقال فيروس الإيدز. استطاع الباحثون أن يحددوا ثلاث وسائل لانتقال فيروس الإيدز تشمل 1- الاتصال الجنسي 2- التعرض للدم الملوث 3-انتقال الفيروس من الأم الحامل إلى الجنين. ويعتبر الاتصال الجنسي غير المشروع السبب الرئيسي لانتقال الفيروس. ويكون احتمال الانتقال أكبر في اللواط (الشذوذ الجنسي) ولكن اتضح أن الزنا (البغاء) يؤدّي أيضًا دورًا كبيرًا في انتقال الفيروس، قال الله تعالى: ﴿ ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا ﴾ الإسراء: 32. وعن آثار انتشار الزنى واللواط في المجتمعات يقول الرسول ³: ( لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ... ) رواه ابن ماجه. كما أن فيروس الإيدز يصيب الأشخاص المتعاطين للمخدرات والذين يستخدمون الحقن والإبر بالمشاركة بعضهم مع بعض. كما أن الأشخاص المتلقين للدم والأشخاص المصابين بالناعورية (الهيموفيليا) قد يصابون بالفيروس نتيجة حصولهم على دم ملوث بفيروس الإيدز. كما أن السيدات الحوامل قد ينقلن فيروس الإيدز للأجنة على الرغم من عدم ظهور أعراض الإيدز لديهن.
وبدراسة حالات الإيدز اتضح أن فيروس الإيدز لا ينتقل عبر الممارسات الاجتماعية غير الجنسية مثل الانتقال عبر الهواء أو الغذاء، أو الماء أو الحشرات أو الملامسة. ولم تظهر أية حالة إيدز نتيجة المشاركة في استعمال أدوات المطبخ أو المشاركة في غرف الدراسة أو الحمامات.
توزيع حالات الإيدز في العالم بنهاية عام 2000م.
التشخيص والعلاج. في عام 1985م، أصبح الكشف عن وجود دلائل فيروس الإيدز في الدم واسع الانتشار ومتوفرًا للجميع. وبهذه الفحوص أمكن التحقق من وجود الأجسام المضادة لفيروس الإيدز. والأجسام المضادة بروتينات تنتجها خلايا دم بيضاء معينة عند دخول الفيروسات أو البكتيريا أو الأجسام الغريبة إلى جسم الإنسان. ويدل وجود الأجسام المضادة لفيروس الإيدز في الدم على وجود العدوى بالفيروس، وباستخدام هذا الفحص للكشف عن فيروس الإيدز هيف ـ 1 أمكن التعرف على وجود فيروس الإيدز في الدم في عمليات نقل الدم. أما الكشف عن فيروس الإيدز هيف ـ 2 فقد تم الترخيص له في عام 1990م في الولايات المتحدة الأمريكية.
لا يمكن الاعتماد على فحص الدم فقط لمعرفة وتشخيص الإيدز. وقبل الحكم النهائي على الشخص بأنه مصاب بالإيدز فإن لدى الطبيب اعتبارات أخرى مثل حالة المريض وتاريخه الاجتماعي ومظهره الخارجي.
وعلى الرغم من أن هناك محاولات عديدة لعلاج مرض الإيدز، إلا أنه لا يوجد حتى الآن علاج ناجح لهذا المرض. لقد درس كثير من الباحثين العديد من الأدوية التي تستطيع إيقاف نمو فيروس الإيدز في مزارع المختبر. ويعتبر دواء زيدوفودين من ضمن هذه الأدوية المضادة للفيروسات الذي شاع استعماله وأُطلق عليه سابقاً اسم أزيدوثيميدين، ويعرف باسمه المختصر AZT (أ ز ت)، وقد ساعد هذا الدواء بإذن الله في إطالة حياة كثير من المصابين بالإيدز، والمحافظة على صحتهم. وتدل الأبحاث أن دواء (أزت) يمكن أن يساهم في الإقلال من الإصابة بالأمراض الانتهازية، ولكن هذا الدواء لا يخلو من بعض الأعراض الجانبية السامة مثل الإسهال وفقر الدم، مما يجعل من الضروري نقل الدم للمريض. وإضافة إلى ما سبق، فإن هذا الدواء غالي الثمن وصعب التصنيع. ولذلك فإن هناك أدوية أكثر فاعلية وأقل خطورة يجري الآن تطويرها.
وقد أظهرت أبحاث أخرى أن ذات رئة المتكيسة الرئوية الكارينية يمكن علاجها باستخدام مضادات حيوية وباستنشاق دواء البنتاميدين. ويستخدم الدواء الحيوي الانترفرون في علاج الإيدز. انظر: الإنترفرون. وإضافة إلى ما سبق فإن العلماء يحاولون التعرف على بعض الأدوية الأخرى التي تساهم في إعادة جهاز المناعة إلى وضعه الطبيعي.
وهناك نحو 19 نوعاً من الأدوية الأكثر فاعلية والأقل خطورة جرى تطويرها مؤخراً وطرح ثلاثة أنواع منها في الأسواق في ديسمبر 2000م. وقد انخفضت نسبة الإصابة بالمرض بعد ظهور الأدوية الجديدة إلى نحو 14% في بعض الدول أبرزها أوغندا، كما تراجعت نسبة الوفيات إلى نحو 70% في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفيات الإيدز بامريكا.
الوقاية. لمنع انتشار فيروس الإيدز فإنه من الواجب تحاشي الاتصال الجنسي غير المشروع (الزنى). وفي كثير من الدول فإن الحكومات توصي باستخدام موانع الحمل للأشخاص المعرضين للخطر ومساعدة مدمني المخدرات على إيقاف تناول المخدرات (سوء استعمال العقاقير) والتحذير من المشاركة في استخدام نفس حقن الأدوية. ويعمل الباحثون على إيجاد لقاحات لمنع العدوى بفيروس الإيدز، ولكن على الرغم من ذلك فإنه لا يمكن إيقاف المرض لدى أولئك الأشخاص المصابين بهذا المرض نظرًا للإصابة المسبقة بالفيروس المسبب.
العوامل الاجتماعية. إن التفسخ والانحلال وتوفّر الفرص الاجتماعية للاتصال الجنسي غير المشروع من أبرز العوامل التي تمنح الإيدز فرصة الانتشار.
ويمثل المصابون بالإيدز للناس الأصحاء رعبًا قاتلاً حتى إن بعض المصابين بالإيدز قد تم منعهم من التوظيف والدراسة أو العناية الصحية مما دفع الدول المصابة إلى محاولة تخفيف نظرة الشك والحذر الشديدين بتثقيف المواطنين عن هذا المرض، ومع ذلك فإن تلك النظرة لا تزال هي المؤثرة على أكثر الناس.
إن العناية بالمرضى المصابين بالإيدز تكلفتها كبيرة، ويعتبر دفع تكاليف العلاج والتخطيط الصحي الجيد من الأمور الصحية الاقتصادية الجديرة بالمناقشة. ويمكن حل هذه المشكلة جزئيًا بتوفير سبل الوقاية من المرض وإيجاد طرق بديلة أرخص لتنويم المرضى مثل إيجاد العيادات الخارجية ودور الرعاية الخاصة بهم. ولا شيء يحفظ صحة البشر من هذا المرض الخطير إلاّ اجتناب الفواحش وما نهى الله عنه، والوقوف عند الحدود، ولقد حرص الإسلام على الحفاظ على الصحة، ولذا فإن الإيدز ضريبة باهظة الثمن للتعدّي على حدود الله تعالى قال الله عز وجل : ﴿ وتلك حدود الله، ومن يتعدَّ حدود الله فقد ظلم نفسه﴾ الطلاق: 1.